بن شِهَابٍ لَمَّا ذَكَرَ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ خَافَ أَنَّ سَامِعَهُ يَتَّكِلُ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ سَعَةِ الرَّحْمَةِ وَعِظَمِ الرَّجَاءِ فَضَمَّ إِلَيْهِ حَدِيثَ الْهِرَّةِ الَّذِي فِيهِ مِنَ التَّخْوِيفِ ضِدَّ ذَلِكَ لِيَجْتَمِعَ الْخَوْفُ وَالرَّجَاءُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ لِئَلَّا يَتَّكِلَ ولاييأس وَهَكَذَا مُعْظَمُ آيَاتِ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ يَجْتَمِعُ فِيهَا الْخَوْفُ وَالرَّجَاءُ وَكَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ يُسْتَحَبُّ لِلْوَاعِظِ أَنْ يَجْمَعَ فِي مَوْعِظَتِهِ بَيْنَ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ لئلا يقنط أحد ولايتكل قَالُوا وَلْيَكُنِ التَّخْوِيفُ أَكْثَرَ لِأَنَّ النُّفُوسَ إِلَيْهِ أَحْوَجُ لِمَيْلِهَا إِلَى الرَّجَاءِ وَالرَّاحَةِ وَالِاتِّكَالِ وَإِهْمَالِ بَعْضِ الْأَعْمَالِ وَأَمَّا حَدِيثُ الْهِرَّةِ فَسَبَقَ شَرْحُهُ فِي مَوْضِعِهِ
[٢٧٥٧] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ رَجُلًا فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَاشَهُ اللَّهُ مَالًا وَوَلَدًا) هَذِهِ اللَّفْظَةُ رُوِيَتْ بِوَجْهَيْنِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَحَدُهُمَا رَاشَهُ بِأَلِفٍ سَاكِنَةٍ غَيْرِ مَهْمُوزَةٍ وَبِشِينٍ مُعْجَمَةٍ وَالثَّانِي رَأَسَهُ بِهَمْزَةٍ وَسِينٍ مُهْمَلَةٍ قَالَ الْقَاضِي وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ رِوَايَةُ الْجُمْهُورِ وَمَعْنَاهُ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَالًا وَوَلَدًا قَالَ وَلَا وَجْهَ لِلْمُهْمَلَةِ هُنَا وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ وَلَا وَجْهَ لَهُ هُنَا قَوْلُهُ (فَإِنِّي لَمْ أَبْتَهِرْ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا) هَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلِبَعْضِ الرُّوَاةِ أَبْتَئِرُ بِهَمْزَةٍ بعدالتاء وَفِي أَكْثَرِهَا لَمْ أَبْتَهِرْ بِالْهَاءِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَالْهَاءُ مُبْدَلَةٌ مِنَ الْهَمْزَةِ وَمَعْنَاهُمَا لَمْ أُقَدِّمْ خَيْرًا وَلَمْ أَدَّخِرْهُ وَقَدْ فَسَّرَهَا قَتَادَةُ فِي الْكِتَابِ وَفِي رِوَايَةٍ لَمْ يَبْتَئِرْ هَكَذَا هُوَ فى جميع النسخ وفى رواية ماامتأر بِالْمِيمِ مَهْمُوزٌ أَيْضًا وَالْمِيمُ مُبْدَلَةٌ مِنَ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ قَوْلُهُ (وَإِنَّ اللَّهَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُعَذِّبَنِي) هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ بِبِلَادِنَا وَنَقَلَ اتِّفَاقُ الرُّوَاةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute