للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُؤْمِنًا) هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مِنْ لَأَرَاهُ أَيْ لَأَعْلَمَهُ وَلَا يَجُوزُ ضَمُّهَا فَإِنَّهُ قَالَ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ وَلِأَنَّهُ رَاجَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ جَازِمًا بِاعْتِقَادِهِ لَمَا كَرَّرَ الْمُرَاجَعَةَ وَقَوْلُهُ عن صالح عن بن شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ هَؤُلَاءِ ثَلَاثَةٌ تَابِعِيُّونَ يَرْوِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ الْأَكَابِرِ عَنِ الْأَصَاغِرِ فَإِنَّ صَالِحًا أَكْبَرُ مِنَ الزُّهْرِيِّ وَأَمَّا فِقْهُهُ وَمَعَانِيهُ فَفِيهِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ وَكَلَامٌ طَوِيلٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِيضَاحُ شَرْحِهَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْإِيمَانِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ أَهْلِ الْحَقِّ فِي قَوْلِهِمْ إِنَّ الْإِقْرَارَ بِاللِّسَانِ لَا يَنْفَعُ إِلَّا إِذَا اقْتَرَنَ بِهِ الِاعْتِقَادُ بِالْقَلْبِ خِلَافًا لِلْكَرَّامِيَّةِ وَغُلَاةِ الْمُرْجِئَةِ فِي قَوْلِهِمْ يَكْفِي الْإِقْرَارُ وَهَذَا خَطَأٌ ظاهر يراه إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ وَالنُّصُوصُ فِي إِكْفَارِ الْمُنَافِقِينَ وَهَذِهِ صِفَتُهُمْ وَفِيهِ الشَّفَاعَةُ إِلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ فِيمَا لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ وَفِيهِ مُرَاجَعَةُ الْمَسْئُولِ فِي الْأَمْرِ الْوَاحِدِ وَفِيهِ تَنْبِيهُ الْمَفْضُولِ الْفَاضِلَ عَلَى مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً وَفِيهِ أَنَّ الْفَاضِلَ لَا يَقْبَلُ مَا يُشَارُ عَلَيْهِ بِهِ مُطْلَقًا بَلْ يَتَأَمَّلُهُ فَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ مَصْلَحَتُهُ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ وفيه الأمر بالتثبت وَتَرْكِ الْقَطْعِ بِمَا لَا يُعْلَمَ الْقَطْعُ فِيهِ وَفِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ يَصْرِفُ الْمَالَ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ لِأَحَدٍ بِالْجَنَّةِ عَلَى التَّعْيِينِ إِلَّا مَنْ ثَبَتَ فِيهِ نَصٌّ كَالْعَشَرَةِ وَأَشْبَاهُهُمْ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مُسْلِمًا فَلَيْسَ فِيهِ إِنْكَارُ كَوْنِهِ مُؤْمِنًا بَلْ مَعْنَاهُ النَّهْيُ عَنِ الْقَطْعِ بِالْإِيمَانِ وَأَنَّ لَفْظَةَ الْإِسْلَامِ أَوْلَى بِهِ فَإِنَّ الْإِسْلَامَ مَعْلُومٌ بِحُكْمِ الظَّاهِرِ وَأَمَّا الْإِيمَانُ فَبَاطِنٌ لَا يَعْلَمهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ زَعَمَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ بَلْ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى إِيمَانِهِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي جَوَابِ سَعْدٍ (إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>