تَعَالَى لَا يُحَاطُ بِهِ وَإِذَا وَرَدَ النَّصُّ بِنَفْيِ الْإِحَاطَةِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَفْيُ الرُّؤْيَةِ بِغَيْرِ إِحَاطَةٍ وَأُجِيبَ عَنِ الْآيَةِ بِأَجْوِبَةٍ أُخْرَى لَا حَاجَةَ إِلَيْهَا مَعَ مَا ذَكَرْنَاهُ فَإِنَّهُ فِي نِهَايَةٍ مِنَ الْحُسْنِ مَعَ اخْتِصَارِهِ وَأَمَّا احْتِجَاجُهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وحيا الْآيَةِ فَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ الرُّؤْيَةِ وُجُودُ الْكَلَامِ حَالَ الرُّؤْيَةِ فَيَجُوزُ وُجُودُ الرُّؤْيَةِ مِنْ غَيْرِ كَلَامٍ الثَّانِي أَنَّهُ عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَدِلَّةِ الثَّالِثُ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَحْيِ الْكَلَامُ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا وَلَكِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَحْيِ هُنَا الْإِلْهَامُ وَالرُّؤْيَةُ فِي الْمَنَامِ وَكِلَاهُمَا يُسَمَّى وَحْيًا وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ فَقَالَ الْوَاحِدِيُّ وَغَيْرُهُ مَعْنَاهُ غَيْرُ مُجَاهِرٍ لَهُمْ بِالْكَلَامِ بَلْ يَسْمَعُونَ كَلَامَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ هُنَاكَ حِجَابًا يَفْصِلُ مَوْضِعًا مِنْ مَوْضِعٍ وَيَدُلُّ عَلَى تَحْدِيدِ الْمَحْجُوبِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا يُسْمَعُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ حَيْثُ لَمْ يُرَ الْمُتَكَلِّمُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[١٧٤] قَوْلُهُ (وَحَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ) هُوَ بِفَتْحِ الزَّايِ وَإِسْكَانِ الْهَاءِ وَاسْمُهُ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ قَوْلُ مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ) هَذَا الْإِسْنَادُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ وغياث بالغين المعجمة والشيبانى هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ وَاسْمُهُ سُلَيْمَانُ بْنُ فَيْرُوزَ وقيل بن خاقان وقيل بن عَمْرٍو وَهُوَ تَابِعِيٌّ وَأَمَّا زِرٌّ فَبِكَسْرِ الزَّايِ وَحُبَيْشٌ بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَآخِرَهُ الشِّينُ الْمُعْجَمَةُ وَهُوَ مِنَ الْمُعَمَّرِينَ زَادَ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةٍ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ قَوْلُهُ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ ما رأى قَالَ رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةُ جَنَاحٍ) هَذَا الَّذِي قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هو مذهبه في هذه الْآيَةِ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ رَأَى رَبَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ بِفُؤَادِهِ دُونَ عَيْنَيْهِ وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ رَآهُ بِعَيْنَيْهِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الْوَاحِدِيُّ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ هَذَا إِخْبَارٌ عَنْ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ قال بن عَبَّاسٍ وَأَبُو ذَرٍّ وَإِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ رَآهُ بِقَلْبِهِ قَالَ وَعَلَى هَذَا رَأَى بِقَلْبِهِ رَبَّهُ رُؤْيَةً صَحِيحَةً وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ بَصَرَهُ فِي فُؤَادِهِ أَوْ خَلَقَ لِفُؤَادِهِ بَصَرًا حَتَّى رَأَى رَبَّهُ رُؤْيَةً صَحِيحَةً كَمَا يَرَى بِالْعَيْنِ قَالَ وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّهُ رَآهُ بِعَيْنِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَنَسٍ وَعِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالرَّبِيعِ قَالَ الْمُبَرِّدُ وَمَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ الفؤاد رأى شيئا فصدق فيه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute