الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ قَالَ وَرَوَاهُ الْعُذْرِيُّ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَمَعْنَاهُ بِالْمُعْجَمَةِ السَّوْقُ وَبِالْمُهْمَلَةِ كَوْنُ الْأَشْيَاءِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ وَمِنْهُ تَكَدَّسَتِ الدَّوَابُّ فِي سَيْرِهَا إِذَا رَكِبَ بَعْضُهَا بَعْضًا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْكُمْ بِأَشَدَّ مُنَاشَدَةً فِي اسْتِقْصَاءِ الْحَقِّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِلَّهِ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ فِي النَّارِ) اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ ضُبِطَتْ عَلَى أَوْجُهٍ أَحَدُهَا اسْتِيضَاءِ بِتَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ فَوْقُ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ ثُمَّ ضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَالثَّانِي اسْتِضَاءِ بِحَذْفِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ وَالثَّالِثُ اسْتِيفَاءِ بِإِثْبَاتِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ وَبِالْفَاءِ بَدَلَ الضَّادِ وَالرَّابِعُ اسْتِقْصَاءِ بِمُثَنَّاةٍ مِنْ فَوْقُ ثُمَّ قَافٍ ثُمَّ صَادٍ مُهْمَلَةٍ فَالْأَوَّلُ مَوْجُودٌ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأُصُولِ بِبِلَادِنَا وَالثَّانِي هُوَ الْمَوْجُودُ فِي أَكْثَرِهَا وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ لِلْحُمَيْدِيِّ وَالثَّالِثُ فِي بَعْضِهَا وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ لِعَبْدِ الْحَقِّ الْحَافِظِ وَالرَّابِعُ فِي بَعْضِهَا وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي عِيَاضٌ غَيْرَهُ وَادَّعَى اتِّفَاقَ الرُّوَاةِ وَجَمِيعِ النُّسَخِ عَلَيْهِ وَادَّعَى أَنَّهُ تَصْحِيفٌ وَوَهَمٌ وَفِيهِ تَغْيِيرٌ وَأَنَّ صَوَابَهُ مَا وَقَعَ فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ من رواية بن بكير بِأَشَدَّ مُنَاشَدَةٍ فِي اسْتِقْصَاءِ الْحَقِّ يَعْنِي فِي الدُّنْيَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِلَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِإِخْوَانِهِمْ وَبِهِ يَتِمُّ الْكَلَامُ وَيَتَوَجَّهُ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَالَهُ بَلْ جَمِيعُ الرِّوَايَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا صَحِيحَةٌ لِكُلٍّ مِنْهَا مَعْنًى حَسَنٌ وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ فَمَا أَنْتُمْ بِأَشَدَّ مُنَاشَدَةً فِي الْحَقِّ قَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَئِذٍ لِلْجَبَّارِ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ إِذَا رَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ نَجَوْا فِي إِخْوَانِهِمْ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّيْثُ تُوَضِّحُ الْمَعْنَى فَمَعْنَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ أَنَّكُمْ إِذَا عَرَضَ لَكُمْ فِي الدُّنْيَا أَمْرٌ مُهِمٌّ وَالْتَبَسَ الْحَالُ فِيهِ وَسَأَلْتُمُ اللَّهَ تَعَالَى بَيَانَهُ وَنَاشَدْتُمُوهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute