للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَصْلُهَا الِانْقِطَاعُ إِلَى مَنْ خَالَلْتَ مَأْخُوذٌ مِنَ الخلة وهي الحاجة فسمى ابراهيم صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ لِأَنَّهُ قَصَرَ حَاجَتَهُ عَلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَقِيلَ الْخَلَّةُ صَفَاءُ الْمَوَدَّةِ الَّتِي تُوجِبُ تَخَلُّلَ الْأَسْرَارِ وَقِيلَ مَعْنَاهَا الْمَحَبَّةُ وَالْإِلْطَافُ هَذَا كلام القاضي وقال بن الْأَنْبَارِيِّ الْخَلِيلُ مَعْنَاهُ الْمُحِبُّ الْكَامِلُ الْمَحَبَّةِ وَالْمَحْبُوبُ الْمُوَفِّي بِحَقِيقَةِ الْمَحَبَّةِ اللَّذَانِ لَيْسَ فِي حُبِّهِمَا نَقْصٌ وَلَا خَلَلٌ قَالَ الْوَاحِدِيُّ هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الِاخْتِيَارُ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلِيلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِبْرَاهِيمَ خَلِيلُ اللَّهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ اللَّهُ تَعَالَى خَلِيلُ إِبْرَاهِيمَ مِنَ الْخَلَّةِ الَّتِي هِيَ الْحَاجَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ يَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ أَوْ لَسْتُ لَهَا) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هذا يقولونه تواضعا واكبارا لما يسئلونه قَالَ وَقَدْ تَكُونُ إِشَارَةً مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الشَّفَاعَةَ وَهَذَا الْمَقَامَ لَيْسَ لَهُ بَلْ لِغَيْرِهِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَدُلُّ عَلَى الْآخَرِ حَتَّى انْتَهَى الْأَمْرُ إِلَى صَاحِبِهِ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّ صَاحِبَهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَيَّنًا وَتَكُونُ إِحَالَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى الْآخَرِ عَلَى تَدْرِيجِ الشَّفَاعَةِ فِي ذَلِكَ إِلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَفِيهِ تَقْدِيمُ ذَوِي الْأَسْنَانِ وَالْآبَاءِ عَلَى الْأَبْنَاءِ فِي الْأُمُورِ الَّتِي لَهَا بَالٌ قَالَ وَأَمَّا مُبَادَرَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لذلك واجابته لِدَعْوَتِهِمْ فَلِتَحَقُّقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذِهِ الْكَرَامَةَ وَالْمَقَامَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَالْحِكْمَةُ فِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَلْهَمَهُمْ سُؤَالَ آدَمَ وَمَنْ بَعْدَهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ فِي الِابْتِدَاءِ وَلَمْ يُلْهَمُوا سُؤَالَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِظْهَارُ فَضِيلَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُمْ لَوْ سَأَلُوهُ ابْتِدَاءً لَكَانَ يَحْتَمِلُ أَنَّ غَيْرَهُ يَقْدِرُ عَلَى هَذَا وَيُحَصِّلُهُ وَأَمَّا إِذَا سَأَلُوا غَيْرَهُ مِنْ رُسُلِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَصْفِيَائِهِ فَامْتَنَعُوا ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَجَابَ وَحَصَلَ غَرَضُهُمْ فَهُوَ النِّهَايَةُ فِي ارْتِفَاعِ الْمَنْزِلَةِ وَكَمَالِ الْقُرْبِ وَعَظِيمِ الْإِدْلَالِ وَالْأُنْسِ وَفِيهِ تَفْضِيلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَمِيعِ الْمَخْلُوقِينَ مِنَ الرُّسُلِ وَالْآدَمِيِّينَ وَالْمَلَائِكَةِ فَإِنَّ هَذَا الْأَمْرَ الْعَظِيمَ وَهِيَ الشَّفَاعَةُ الْعُظْمَى لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ غَيْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>