للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَقَدْ قَالَ مَعْنَى مَا ذكرته الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَازِرِيُّ وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ الْقَاضِي عِيَاضٌ فَقَالَ يُرِيدُ بِحَدِيثِ النَّفْسِ الْحَدِيثَ الْمُجْتَلَبَ وَالْمُكْتَسَبَ وَأَمَّا مَا يَقَعُ فِي الْخَوَاطِرِ غَالِبًا فَلَيْسَ هُوَ الْمُرَادَ قَالَ وَقَوْلُهُ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ الْحَدِيثَ مِمَّا يُكْتَسَبُ لِإِضَافَتِهِ إِلَيْهِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا الَّذِي يَكُونُ بِغَيْرِ قَصْدٍ يُرْجَى أَنْ تُقْبَلَ مَعَهُ الصَّلَاةُ وَيَكُونُ دُونَ صلاة من لم يحدث نفسه بشئ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا ضَمَّنَ الْغُفْرَانَ لِمُرَاعِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَلَّ مَنْ تَسْلَمُ صَلَاتُهُ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ وَإِنَّمَا حَصَلَتْ لَهُ هَذِهِ الْمَرْتَبَةُ لِمُجَاهَدَةِ نَفْسِهِ مِنْ خَطَرَاتِ الشَّيْطَانِ وَنَفْيِهَا عَنْهُ وَمُحَافَظَتِهِ عَلَيْهَا حَتَّى لَمْ يَشْتَغِلْ عَنْهَا طَرْفَةَ عَيْنٍ وَسَلِمَ مِنَ الشَّيْطَانِ بِاجْتِهَادِهِ وَتَفْرِيغِهِ قَلْبَهُ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَالصَّوَابُ ما قدمته والله أعلم قوله (قال بن شِهَابٍ وَكَانَ عُلَمَاؤُنَا يَقُولُونَ هَذَا أَسْبَغُ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ أَحَدٌ لِلصَّلَاةِ) مَعْنَاهُ هَذَا أَتَمُّ الْوُضُوءِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ وَالْمُرَادُ بِالثَّلَاثِ الْمُسْتَوْعِبَةِ لِلْعُضْوِ وَأَمَّا إِذَا لَمْ تَسْتَوْعِبِ الْعُضْوَ إِلَّا بِغَرْفَتَيْنِ فَهِيَ غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَوْ شَكَّ هَلْ غَسَلَ ثَلَاثًا أَمِ اثْنَتَيْنِ جَعَلَ ذَلِكَ اثْنَتَيْنِ وَأَتَى بِثَالِثَةٍ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي قَالَهُ الْجَمَاهِيرُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا يَجْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثًا وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهَا مَخَافَةً مِنَ ارْتِكَابِ بِدْعَةٍ بِالرَّابِعَةِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ وَإِنَّمَا تَكُونُ الرَّابِعَةُ بِدْعَةً وَمَكْرُوهَةً إِذَا تَعَمَّدَ كَوْنَهَا رَابِعَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ وقد يستدل بقول بن شِهَابٍ هَذَا مَنْ يَكْرَهُ غَسْلَ مَا فَوْقَ الْمِرْفَقَيْنِ وَالْكَعْبَيْنِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَكْرُوهٍ عِنْدنَا بَلْ هُوَ سُنَّةٌ مَحْبُوبَةٌ وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا فِي بَابِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا دَلَالَةَ فِي قول بن شِهَابٍ عَلَى كَرَاهَتِهِ فَإِنَّ مُرَادَهُ الْعَدَدُ كَمَا قدمناه ولو صرح بن شِهَابٍ أَوْ غَيْرُهُ بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ كَانَتْ سُنَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّحِيحَةُ مُقَدَّمَةً عليه والله أعلم قَوْلُهُ (أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَعَا بِإِنَاءٍ فَأَفْرَغَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>