صَارَ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا سِوَى تِلْكَ الْمَسْحَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ لِوُجُوبِ اسْتِيعَابِ الرَّأْسِ بِالْمَسْحِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي كَمَالِ الْوُضُوءِ لَا فِيمَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ فأقبل به) أى بالمسح قوله (حدثنا هارون بن معرف وَحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ وَأَبُو الطَّاهِرِ قالوا حدثنا بن وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ حَبَّانَ بْنَ وَاسِعٍ حَدَّثَهُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ حَدَّثَنَا بن وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ) هَذَا مِنَ احْتِيَاطِ مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَوُفُورِ عِلْمِهِ وَوَرَعِهِ فَفَرَّقَ بَيْنَ رِوَايَتِهِ عَنْ شَيْخَيْهِ الْهَارُونَيْنِ فَقَالَ فِي الْأَوَّلِ حَدَّثَنَا وَفِي الثَّانِي حَدَّثَنِي فَإِنَّ رِوَايَتَهُ عَنِ الْأَوَّلِ كَانَتْ سَمَاعًا مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَرِوَايَتَهُ عَنِ الثَّانِي كَانَتْ لَهُ خَاصَّةً مِنْ غَيْرِ شَرِيكٍ لَهُ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ فِي مِثْلِ الْأَوَّلِ أَنْ يَقُولَ حَدَّثَنَا وَفِي الثَّانِي وَحَدَّثَنِي وَهَذَا مُسْتَحَبٌّ بِالِاتِّفَاقِ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ فَاسْتَعْمَلَهُ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ أَكْثَرَ مِنَ التَّحَرِّي فِي مِثْلِ هَذَا وَقَدْ قَدَّمْتُ لَهُ نَظَائِرَ وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى التَّنْبِيهُ عَلَى نَظَائِرِهِ كثيرة وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ حدثنا بن وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ فَهُوَ أَيْضًا مِنَ احْتِيَاطِ مُسْلِمٍ وَوَرَعِهِ فَإِنَّهُ رَوَى الْحَدِيثَ أَوَّلًا عَنْ شُيُوخِهِ الثَّلَاثَةِ الْهَارُونَيْنِ وَأَبِي الطَّاهِرِ عن بن وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَلَمْ يَكُنْ فِي رِوَايَةِ أَبِي الطَّاهِرِ أَخْبَرَنِي إِنَّمَا كَانَ فِيهَا عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ لَفْظَةَ عَنْ مُخْتَلَفٌ فِي حَمْلِهَا عَلَى الِاتِّصَالِ وَالْقَائِلُونَ إِنَّهَا لِلِاتِّصَالِ وَهُمُ الْجَمَاهِيرُ يُوَافِقُونَ عَلَى أَنَّهَا دُونَ أَخْبَرَنَا فَاحْتَاطَ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَبَيَّنَ ذَلِكَ وَكَمْ فِي كِتَابِهِ مِنَ الدُّرَرِ وَالنَّفَائِسِ الْمُشَابِهَةِ لِهَذَا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَجَمَعَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فِي دَارِ كَرَامَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute