للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ مِنَ الْأَوْتَارِ وَمَذْهَبُنَا أَنَّ الْإِيتَارَ فِيمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ مُسْتَحَبٌّ وَحَاصِلُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْإِنْقَاءَ وَاجِبٌ وَاسْتِيفَاءُ ثَلَاثَ مَسَحَاتٍ وَاجِبٌ فَإِنْ حَصَلَ الْإِنْقَاءُ بِثَلَاثٍ فَلَا زِيَادَةَ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ وَجَبَ الزِّيَادَةُ ثُمَّ إِنْ حَصَلَ بِوِتْرٍ فَلَا زِيَادَةَ وَإِنْ حَصَلَ بِشَفْعٍ كَأَرْبَعٍ أَوْ سِتٍّ اسْتُحِبَّ الْإِيتَارُ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَجِبُ الْإِيتَارُ مُطْلَقًا لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ فِي السُّنَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ وَيَحْمِلُونَ حَدِيثَ الْبَابِ عَلَى الثَّلَاثِ وَعَلَى النَّدْبِ فِيمَا زَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لْيَنْثُرْ فَفِيهِ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّ الِاسْتِنْثَارَ غَيْرُ الِاسْتِنْشَاقِ وَأَنَّ الِانْتِثَارَ هُوَ إِخْرَاجُ الْمَاءِ بَعْدَ الِاسْتِنْشَاقِ مَعَ مَا فِي الْأَنْفِ مِنْ مُخَاطٍ وَشِبْهِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ هَذَا وَفِيهِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ الِاسْتِنْشَاقُ وَاجِبٌ لِمُطْلَقِ الْأَمْرِ وَمَنْ لَمْ يُوجِبْهُ حَمَلَ الْأَمْرَ عَلَى النَّدْبِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ حَقِيقَةً وَهُوَ الِانْتِثَارُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ بِالِاتِّفَاقِ فَإِنْ قَالُوا فَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى إِذَا تَوَضَّأَ فليستنشق بمنخريه من الماء ثم لينثر فَهَذَا فِيهِ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلْوُجُوبِ وَلَكِنَّ حَمْلَهُ عَلَى النَّدْبِ مُحْتَمَلٌ لِيَجْمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَدِلَّةِ الدالة على الاستحباب والله أعلم قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ هَمَّامٍ (فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَدْ قَدَّمْنَا مَرَّاتٍ بَيَانَ الْفَائِدَةِ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَإِنَّمَا نُنَبِّهُ عَلَى تَقَدُّمِهَا لِيُتَعَاهَدَ قَوْلُهُ (بِمَنْخِرَيْهِ) هُمَا بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْخَاءِ وَبِكَسْرِهِمَا جَمِيعًا لُغَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>