عنهما مالم يَيْبَسَا) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (كَانَ لَا يَسْتَنْزِهُ عَنِ الْبَوْلِ أَوْ مِنَ الْبَوْلِ) أَمَّا الْعَسِيبُ فَبِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَهُوَ الْجَرِيدُ وَالْغُصْنُ مِنَ النَّخْلِ وَيُقَالُ لَهُ الْعُثْكَالُ وَقَوْلُهُ بِاثْنَيْنِ هَذِهِ الْبَاءُ زَائِدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ وَاثْنَيْنِ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ وَزِيَادَةُ الْبَاءِ فِي الْحَالِ صَحِيحَةٌ مَعْرُوفَةٌ وَيَيْبَسَا مَفْتُوحُ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ قَبْلَ السِّينِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا لُغَتَانِ وَأَمَّا النَّمِيمَةُ فَحَقِيقَتُهَا نَقْلُ كَلَامِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ إِلَى بَعْضٍ عَلَى جهة الْإِفْسَادِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ غِلَظِ تَحْرِيمِ النَّمِيمَةِ مِنْ كِتَابِ الْإِيمَانِ بَيَانُهَا وَاضِحًا مُسْتَقْصًى وَأَمَّا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ فَرُوِيَ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ يَسْتَتِرُ بِتَائَيْنِ مُثَنَّاتَيْنِ وَيَسْتَنْزِهُ بِالزَّايِ وَالْهَاءِ وَيَسْتَبْرِئُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْهَمْزَةِ وَهَذِهِ الثَّالِثَةُ فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ وَكُلُّهَا صَحِيحَةٌ وَمَعْنَاهَا لَا يَتَجَنَّبُهُ وَيَتَحَرَّزُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ فَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ وَإِنَّهُ لَكَبِيرٌ كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ الْحَدِيثَ ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ فِي بَابِ النَّمِيمَةِ مِنَ الْكَبَائِرِ وَفِي كِتَابِ الْوُضُوءِ مِنَ الْبُخَارِيِّ أَيْضًا وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ بَلْ إِنَّهُ كَبِيرٌ فَثَبَتَ بِهَاتَيْنِ الزِّيَادَتَيْنِ الصحيحتين أَنَّهُ كَبِيرٌ فَيَجِبُ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ وَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ تَأْوِيلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِكَبِيرٍ فِي زَعْمِهِمَا وَالثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ بِكَبِيرٍ تَرْكُهُ عَلَيْهِمَا وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى تَأْوِيلًا ثَالِثًا أَيْ لَيْسَ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ قُلْتُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمُرَادُ بِهَذَا الزَّجْرَ وَالتَّحْذِيرَ لِغَيْرِهِمَا أَيْ لَا يَتَوَهَّمُ أَحَدٌ أَنَّ التَّعْذِيبَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ الْمُوبِقَاتِ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي غَيْرِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَبَبُ كَوْنِهِمَا كَبِيرَيْنِ أَنَّ عَدَمَ التَّنَزُّهِ مِنَ الْبَوْلِ يَلْزَمُ مِنْهُ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ فَتَرْكُهُ كَبِيرَةٌ بِلَا شَكٍّ وَالْمَشْيُ بِالنَّمِيمَةِ وَالسَّعْيُ بِالْفَسَادِ مِنْ أَقْبَحِ الْقَبَائِحِ لَا سِيَّمَا مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْشِي بِلَفْظِ كَانَ الَّتِي لِلْحَالَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ غَالِبًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا وَضْعُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَرِيدَتَيْنِ عَلَى الْقَبْرِ فَقَالَ الْعُلَمَاءُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute