وأما عباس بالمهملة فهو بن الْوَلِيدِ الْبَصْرِيُّ التُّرْسِيُّ وَرَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ جَمِيعًا وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ وَكَانَ غَلَطُ هَذَا الْقَائِلِ وَقَعَ لَهُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُمَا مُشْتَرَكَانِ فِي الْأَبِ وَالنَّسَبِ وَالْعَصْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ وَاسْتَحْيَيْتُ مِنْ ذَلِكَ) هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ وَذَكَرَ الْحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ أَنَّهُ هَكَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَأَنَّهُ غُيِّرَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَجُعِلَ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَالْمَحْفُوظُ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى أُمُّ سَلَمَةَ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ السَّائِلَةَ هِيَ أُمُّ سُلَيْمٍ وَالرَّادَّةُ عَلَيْهَا أُمُّ سَلَمَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَعَائِشَةُ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ عَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ جَمِيعًا أَنْكَرَتَا عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ أَهْلُ الحديث يقولون الصحيح هنا أم سلمة لعائشة وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ) مَعْنَاهُ أَنَّ الْوَلَدَ مُتَوَلِّدٌ مِنْ مَاءِ الرَّجُلِ وَمَاءِ الْمَرْأَةِ فَأَيُّهُمَا غَلَبَ كَانَ الشَّبَهُ لَهُ وَإِذَا كَانَ لِلْمَرْأَةِ مَنِيٌّ فَإِنْزَالُهُ وَخُرُوجُهُ مِنْهَا مُمْكِنٌ وَيُقَالُ شِبْهٌ وَشَبَهٌ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ إِحْدَاهُمَا بِكَسْرِ الشِّينِ وَإِسْكَانِ الْبَاءِ وَالثَّانِيَةُ بِفَتْحِهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ مَاءَ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ وَمَاءُ الْمَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ) هَذَا أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْمَنِيِّ وَهَذِهِ صِفَتُهُ فِي حَالِ السَّلَامَةِ وَفِي الْغَالِبِ قَالَ الْعُلَمَاءُ مَنِيُّ الرَّجُلِ فِي حَالِ الصِّحَّةِ أَبْيَضُ ثَخِينٌ يَتَدَفَّقُ فِي خُرُوجِهِ دَفْقَةً بَعْدَ دَفْقَةٍ وَيَخْرُجُ بشهوة ويتلذذ بِخُرُوجِهِ وَإِذَا خَرَجَ اسْتَعْقَبَ خُرُوجَهُ فُتُورًا وَرَائِحَةً كَرَائِحَةِ طَلْعِ النَّخْلِ وَرَائِحَةُ الطَّلْعِ قَرِيبَةٌ مِنْ رَائِحَةِ الْعَجِينِ وَقِيلَ تُشْبِهُ رَائِحَتُهُ رَائِحَةُ الْفَصِيلِ وقيل إذا يبس كان رَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ الْبَوْلِ فَهَذِهِ صِفَاتُهُ وَقَدْ يُفَارِقُهُ بَعْضُهَا مَعَ بَقَاءِ مَا يَسْتَقِلُّ بِكَوْنِهِ مَنِيًّا وَذَلِكَ بِأَنْ يَمْرَضْ فَيَصِيرُ مَنِيُّهُ رَقِيقًا أَصْفَرَ أَوْ يَسْتَرْخِيَ وِعَاءُ الْمَنِيِّ فَيَسِيلُ مِنْ غَيْرِ الْتِذَاذٍ وَشَهْوَةٍ أَوْ يَسْتَكْثِرُ مِنَ الْجِمَاعِ فَيَحْمَرَّ ويصير كماء اللحم وربما خرج دما غبيطا وَإِذَا خَرَجَ الْمَنِيُّ أَحْمَرَ فَهُوَ طَاهِرٌ مُوجِبٌ لِلْغُسْلِ كَمَا لَوْ كَانَ أَبْيَضَ ثُمَّ إِنَّ خَوَاصَّ الْمَنِيِّ الَّتِي عَلَيْهَا الِاعْتِمَادُ فِي كَوْنِهِ مَنِيًّا ثَلَاثٌ أَحَدُهَا الْخُرُوجُ بِشَهْوَةٍ مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute