الشَّرْعُ هَذَا الْغَالِبَ كَالْمُحَقَّقِ وَأَمَّا إِذَا كَانَ مُمَكِّنًا فَلَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ الْخُرُوجُ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الطَّهَارَةِ وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُسْتَدَلُّ بِهَا لِهَذِهِ الْمَذَاهِبِ وَقَدْ قَرَّرْتُ الْجَمْعَ بَيْنَهَا وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَلَيْسَ مَقْصُودِي هُنَا الْإِطْنَابُ بَلِ الْإِشَارَةُ إِلَى الْمَقَاصِدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ زَوَالَ الْعَقْلِ بِالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ بِالْخَمْرِ أَوِ النَّبِيذِ أَوِ الْبَنْجِ أَوِ الدَّوَاءِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ سَوَاءٌ قَلَّ أَوْ كَثُرَ سَوَاءٌ كَانَ ممكن المقعدة أوغير مُمَكِّنِهَا قَالَ أَصْحَابُنَا وَكَانَ مِنْ خَصَائِصِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لاينتقض وضوؤه بالنوم مضطجعا للحديث الصحيح عن بن عَبَّاسٍ قَالَ نَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (فَرْعٌ) قَالَ الشَّافِعِيُّ والأصحاب لاينقض الوضوء بالنعاس وهوالسنة قَالُوا وَعَلَامَةُ النَّوْمِ أَنَّ فِيهِ غَلَبَةً عَلَى الْعَقْلِ وَسُقُوطَ حَاسَّةِ الْبَصَرِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْحَوَاسِّ وَأَمَّا النُّعَاسُ فَلَا يَغْلِبُ عَلَى الْعَقْلِ وَإِنَّمَا تَفْتُرُ فِيهِ الْحَوَاسُّ مِنْ غَيْرِ سُقُوطِهَا وَلَوْ شَكَّ هَلْ نَامَ أَمْ نَعَسَ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَلَوْ تَيَقَّنَ النَّوْمَ وَشَكَّ هَلْ نَامَ مُمَكِّنَ الْمَقْعَدَةِ مِنَ الْأَرْضِ أم لا لم ينقض وضوؤه وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَلَوْ نَامَ جَالِسًا ثُمَّ زَالَتْ أَلْيَتَاهُ أَوْ إحْدَاهُمَا عَنِ الْأَرْضِ فَإِنْ زالت قبل الانتباه انتقض وضوؤه لِأَنَّهُ مَضَى عَلَيْهِ لَحْظَةٌ وَهُوَ نَائِمٌ غَيْرُ مُمَكِّنِ الْمَقْعَدَةِ وَإِنْ زَالَتْ بَعْدَ الِانْتِبَاهِ أَوْ مَعَهُ أَوْ شَكَّ فِي وَقْتِ زَوَالِهَا لَمْ ينتقض وضوؤه وَلَوْ نَامَ مُمَكِّنًا مَقْعَدَتَهُ مِنَ الْأَرْضِ مُسْتَنِدًا إلى حائط أوغيره لم ينتقض وضوؤه سَوَاءٌ كَانَتْ بِحَيْثُ لَوْ رَفَعَ الْحَائِطَ لَسَقَطَ أو لم يكن ولونام محتبيا ففيه ثلاثة أوجه لاصحابنا أحدها لاينتقض كَالْمُتَرَبِّعِ وَالثَّانِي يُنْتَقَضُ كَالْمُضْطَجِعِ وَالثَّالِثُ إِنْ كَانَ نحيف البدن بحيث لاتنطبق أَلْيَتَاهُ عَلَى الْأَرْضِ انْتَقَضَ وَإِنْ كَانَ أَلْحَمَ الْبَدَنِ بِحَيْثُ يَنْطَبِقَانِ لَمْ يُنْتَقَضْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَلَهُ الْحَمْدُ وَالنِّعْمَةُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ وَالْعِصْمَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute