للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّوْكِيدِ وَأُولُو الْأَحْلَامِ هُمُ الْعُقَلَاءُ وَقِيلَ الْبَالِغُونَ والنهي بِضَمِّ النُّونِ الْعُقُولُ فَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ أُولُو الْأَحْلَامِ الْعُقَلَاءُ يَكُونُ اللَّفْظَانِ بِمَعْنًى فَلَمَّا اخْتَلَفَ اللَّفْظُ عُطِفَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ تَأْكِيدًا وَعَلَى الثَّانِي مَعْنَاهُ الْبَالِغُونَ الْعُقَلَاءُ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ وَاحِدَةُ النُّهَى نُهْيَةٌ بِضَمِّ النُّونِ وَهِيَ العقل ورجل نه ونهي مِنْ قَوْمِ نَهِينَ وَسُمِّيَ الْعَقْلُ نُهْيَةٌ لِأَنَّهُ يَنْتَهِي إِلَى مَا أُمِرَ بِهِ وَلَا يَتَجَاوَزُ وَقِيلَ لِأَنَّهُ يَنْهَى عَنِ الْقَبَائِحِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ مَصْدَرًا كَالْهُدَى وَأَنْ يَكُونَ جَمْعًا كَالظُّلَمِ قَالَ وَالنَّهْيُّ فِي اللُّغَةِ مَعْنَاهُ الثَّبَاتُ وَالْحَبْسُ وَمِنْهُ النِّهَى وَالنَّهَى بِكَسْرِ النُّونِ وَفَتْحِهَا وَالنُّهْيَةُ لِلْمَكَانِ الَّذِي يَنْتَهِي إِلَيْهِ الْمَاءُ فَيَسْتَنْقِعُ قَالَ الْوَاحِدِيُّ فَرَجَعَ الْقَوْلَانِ فِي اشْتِقَاقِ النُّهْيَةِ إِلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْحَبْسُ فَالنُّهْيَةُ هِيَ الَّتِي تَنْهَى وَتَحْبِسُ عَنِ الْقَبَائِحِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ثم الذين يلونهم) معناه الذين يَقْرَبُونَ مِنْهُمْ فِي هَذَا الْوَصْفِ قَوْلُهُ (يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا) أَيْ يُسَوِّي مَنَاكِبَنَا فِي الصُّفُوفِ وَيَعْدِلُنَا فِيهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَقْدِيمُ الْأَفْضَلِ فَالْأَفْضَلِ إِلَى الْإِمَامِ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْإِكْرَامِ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا احْتَاجَ الْإِمَامُ إِلَى اسْتِخْلَافٍ فَيَكُونُ هُوَ أَوْلَى وَلِأَنَّهُ يَتَفَطَّنُ لِتَنْبِيهِ الْإِمَامِ عَلَى السَّهْوِ لِمَا لَا يَتَفَطَّنُ لَهُ غَيْرُهُ وَلِيَضْبِطُوا صِفَةَ الصَّلَاةِ ويحفظوها وينقلوها ويعلموها الناس وليقتدي بأفعالهم مَنْ وَرَاءَهُمْ وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا التَّقْدِيمُ بِالصَّلَاةِ بَلِ السُّنَّةُ أَنْ يُقَدَّمَ أَهْلُ الْفَضْلِ فِي كُلِّ مَجْمَعٍ إِلَى الْإِمَامِ وَكَبِيرِ الْمَجْلِسِ كَمَجَالِسِ الْعِلْمِ وَالْقَضَاءِ وَالذِّكْرِ وَالْمُشَاوَرَةِ وَمَوَاقِفِ الْقِتَالِ وَإِمَامَةِ الصَّلَاةِ وَالتَّدْرِيسِ وَالْإِفْتَاءِ وَإِسْمَاعِ الْحَدِيثِ وَنَحْوَهَا وَيَكُونُ النَّاسُ فِيهَا عَلَى مَرَاتِبِهِمْ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَالْعَقْلِ وَالشَّرَفِ وَالسِّنِّ وَالْكَفَاءَةِ فِي ذَلِكَ الْبَابِ وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ مُتَعَاضِدَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَفِيهِ تَسْوِيَةُ الصفوف

<<  <  ج: ص:  >  >>