أَيْ عَلَى السَّمَاءِ وَمَنْ قَالَ مِنْ دَهْمَاءِ النُّظَّارِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ وَأَصْحَابِ التَّنْزِيهِ بِنَفْيِ الْحَدِّ وَاسْتِحَالَةِ الْجِهَةِ فِي حَقِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تَأَوَّلُوهَا تَأْوِيلَاتٍ بِحَسَبِ مُقْتَضَاهَا وَذَكَرَ نَحْوَ مَا سَبَقَ قَالَ وَيَا لَيْتَ شِعْرِي مَا الَّذِي جَمَعَ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْحَقِّ كُلَّهُمْ عَلَى وُجُوبِ الْإِمْسَاكِ عَنِ الْفِكْرِ فِي الذَّاتِ كَمَا أُمِرُوا وَسَكَتُوا لِحِيرَةِ الْعَقْلِ وَاتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيمِ التَّكْيِيفِ وَالتَّشْكِيلِ وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ وُقُوفِهِمْ وَإِمْسَاكِهِمْ غَيْرُ شَاكٍّ فِي الوجود والموجود وَغَيْرُ قَادِحٍ فِي التَّوْحِيدِ بَلْ هُوَ حَقِيقَتُهُ ثُمَّ تَسَامَحَ بَعْضُهُمْ بِإِثْبَاتِ الْجِهَةِ خَاشِيًا مِنْ مِثْلِ هَذَا التَّسَامُحِ وَهَلْ بَيْنَ التَّكْيِيفِ وَإِثْبَاتِ الْجِهَاتِ فَرْقٌ لَكِنْ إِطْلَاقُ مَا أَطْلَقَهُ الشَّرْعُ مِنْ أَنَّهُ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَأَنَّهُ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَعَ التَّمَسُّكِ بِالْآيَةِ الْجَامِعَةِ لِلتَّنْزِيهِ الْكُلِّيِّ الَّذِي لَا يَصِحُّ فِي الْمَعْقُولِ غَيْرُهُ وهو قوله تعالى ليس كمثله شيء عِصْمَةٌ لِمَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَهَذَا كَلَامُ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ إِعْتَاقَ الْمُؤْمِنِ أَفْضَلُ مِنْ إِعْتَاقِ الْكَافِرِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ عِتْقِ الْكَافِرِ فِي غَيْرِ الْكَفَّارَاتِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الْكَافِرُ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ كَمَا وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ وَاخْتَلَفُوا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْيَمِينِ وَالْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ لَا يُجْزِئُهُ إِلَّا مُؤْمِنَةٌ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْكُوفِيُّونَ يُجْزِئُهُ الْكَافِرُ لِلْإِطْلَاقِ فَإِنَّهَا تُسَمَّى رَقَبَةً قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ اللَّهُ قَالَتْ فِي السَّمَاءِ قَالَ مَنْ أَنَا قَالَتْ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَصِيرُ مُؤْمِنًا إِلَّا بِالْإِقْرَارِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِرِسَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَاعْتَقَدَ ذَلِكَ جَزْمًا كَفَاهُ ذَلِكَ فِي صِحَّةِ إِيمَانِهِ وَكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَالْجَنَّةِ وَلَا يُكَلَّفُ مَعَ هَذَا إِقَامَةَ الدَّلِيلِ وَالْبُرْهَانِ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُ مَعْرِفَةُ الدَّلِيلِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَوَّلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute