ساعات لهوهم وحظوظ نفوسهم، لم يقولوه في الأيام السود ولا وسط المَعامع الحمر. ونحن اليوم في ساحة حرب، حرب الاستعمار ومكايده، وإسرائيل وشرورها، والدول الكبيرة ومطامعها، وحرب الإلحاد والرذيلة وخبيث العادات، وحرب الفقر والمرض والجهل ... فهل يدع أدباؤنا هذا كله ويقولون مثل الذي قال الشريف الرضي؟ هل يتركون النار تأكل خضراءهم ويستلقون على ظهورهم يحلمون بقبلة من حسناء في غفلة الرقيب؟
إنه لم يبقَ في فرنسا بعد كَسْرة السبعين قلم كاتب ولا لسان أديب إلا قال فيها، مواسياً ومقوّياً وباعثاً للأمل وحافزاً للهمم، فكُتبت مئات من القصص عن مشاهد الحرب وآلاف من المقالات ودواوين من الشعر؟ فما الذي قاله أدباء العرب في «مأساة فلسطين»؟
هل يجهل أدباؤنا خطر الكلام في مصاير الأمم؟ هل نسوا أن خطبة طارق هي التي فتحت الأندلس، وخطب نابليون ربحت النصر في إسترلتز، وأن خطب فيخته أنهضت ألمانيا، وأن أشعار إقبال أقامت دولة باكستان، وأن نصائح السرهندي صنعت أورانك زيب، أعظم ملوك الهند وسادس الخلفاء الراشدين (١)؟
* * *
إننا نفتح هذا الباب في «المسلمون»، فهل يحب أدباؤنا أن يدخلوا؟
(١) انظر الفصل عنه في كتاب «رجال من التاريخ» (مجاهد).