فإذا قيدت بمعنى من المعاني، دَلَّت على المقارنة في ذلك المعنى، قال: فالله مع خلقه حقيقة، وهو فوق عرشه حقيقة، ثم هذه المعية تَختلف أحكامها بحسب الموارد، فلما قال:{يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا}[الحديد: ٤] إلى قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}[الحديد: ٤]، دَلَّ ظاهر الخطاب على أنَّ حكم هذه المعية ومقتضاها أنه مُطَّلع عليكم، شهيد عليكم، ومهيمن عالم بكم، وهذا معنى قول السَّلف: إنَّه معهم بعلمه، وهذا ظاهر الخطاب وحقيقته.
والجواب أن يقال: ليس في هذه الجملة ما يتعلَّق به من زعم أنَّ معيةَ الله لخلقه معية ذاتية، وإنما فيها الرد عليه؛ لأنَّ شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى - قد صرح أن المعية المذكورة في قول الله - تعالى -: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}[الحديد: ٤]، قد دَلَّ ظاهر الخطاب على أن حكمها ومقتضاها أنَّه مطلع عليكم، شهيد عليكم، ومهيمن عالم بكم، قال: وهذا معنى قول السلف: إنَّه معهم بعلمه، قال: وهذا ظاهر الخطاب وحقيقته؛ انتهى.
فأما القول بالمعية الذاتية، فإنَّما هو من أقوال الحلولية من الجهمية، وقد ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى، وتقدم كلامُه في أول الكتاب، فليراجع.