وقال أبو عمر ابن عبدالبر في كتاب "التَّمهيد": لما تكلم على حديث النُّزول في صفحة ١٢٨ وما بعدها من الجزء السابع، قال: هذا حديث ثابت من جهة النقل، صحيح الإسناد لا يختلف أهلُ الحديث في صحته، وفيه دليل على أن الله - عزَّ وجلَّ - في السماء على العرش من فوق سبع سموات، كما قالت الجماعة، وهو من حجتهم على المعتزلة والجهمية في قولهم: إنَّ الله - عزَّ وجلَّ - في كل مكان، وليس على العرش - إلى أنْ قال: ومن الحجة في أنه - عزَّ وجلَّ - على العرش فوق السموات السبع: أنَّ الموحدين أجمعين من العرب والعجم إذا كربهم أمر، أو نزلت بهم شدة، رفعوا وجوههم إلى السماء يستغيثون ربَّهم - تبارك وتعالى - وهذا أشهر وأعرف عند الخاصَّة والعامة من أنْ يُحتاجَ فيه إلى أكثرَ من حكايته؛ لأنَّه اضطرار لم يوقفهم عليه أحد، ولا أنكره عليهم مسلم.
قال: وأما احتجاجهم بقوله - عزَّ وجلَّ -: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا}[المجادلة: ٧]، فلا حجة لهم في ظاهر هذه الآية؛ لأنَّ علماء الصحابة والتابعين الذين حملت عنهم التأويل في القرآن، قالوا في تأويل هذه الآية: هو على