العرش، وعلمه في كل مكان، وما خالفهم في ذلك أحد يُحتج بقوله، ذكر سُنَيْدٌ عن مُقاتل بن حيان، عن الضحْاك بن مزاحم في قوله:{مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ ...}[المجادلة: ٧] الآية، قال: هو على عرشه، وعلمه معهم أينما كانوا، قال: وبلغني عن سُفيان الثوري مثله؛ انتهى، وقد نقل شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيميَّة - رحمه الله تعالى - جملة من كلامه، وتقدم ذكرها، وكذلك الذهبي، فإنَّه نقل بعض كلام ابن عبدالبر في كتاب "العلو"، ونقله أيضًا ابن القيم في كتابه "اجتماع الجيوش الإسلامية"، وأقره كلٌّ منهم.
وفيما ذكره ابن عبدالبر عن الموحدين أنَّهم إذا كَرَبَهم أمر، أو نزلت بهم شدة، رفعوا وجوههم إلى السماء يستغيثون ربهم - أبلغُ ردٍّ على من زعم أنَّ مَعية الله لخلقه معية ذاتية، ولو كان الأمر على ما زعمه القائل على الله بغير علم، لكان الربُّ مع أهل الأرض بذاته، فلا يضطرون إلى رفع رؤوسهم إلى السماء عند الكرب، ونزول الشدائد، بل يوجهون وجوههم من بين أيديهم ومن خلفهم، وعن أيمانهم وعن شمائلهم، وهذا معلوم البطلان بالضَّرورة عند كل مؤمن يعلم أنَّ الله - تعالى - فوق جميع المخلوقات، وأنه مستوٍ