للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أنه أراد أنه عالم بهم، وقد بُسط الكلام عليه في موضع آخر وبُيِّن أن لفظ المعية في اللغة - وإن اقتضى المجامعة والمصاحبة والمقارنة - فهو إذا كان مع العباد لم ينافِ ذلك علوَّه على عرشه، ويكون حكم مَعيته في كل موطن بحسبه، فمع الخلق كلهم بالعلم والقدرة والسلطان، ويَختص بعضهم بالإعانة والنَّصر والتأييد؛ انتهى المقصود من كلامه، وفيه أبلغ رد على من زعم أنَّ معية الله لخلقه معية ذاتية.

وقد تقدم في الجواب عن الجملة الرابعة ما ذكره ابنُ القيم عن القاضي أبي بكر بن الطيب الباقلاني أنه قال في قول الله - تعالى -: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: ١٢٨]؛ يعني: بالحفظ والنَّصر والتأييد، ولم يرد أنَّ ذاته معهم، قال: وقوله - تعالى -: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: ٤٦] محمولٌ على هذا التأويل، وقوله - تعالى -: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: ٧]؛ يعني أنَّه عالم بهم وبما خفي من سِرِّهم ونجواهم؛ انتهى، وقد أقَرَّه ابنُ القيم على هذا القول، وفيه أبلغ رد على من زعم أنَّ معية الله لخلقه معية ذاتية.

وتقدم أيضًا كلامُ ابن كثير على قول الله - تعالى -: {وَهُوَ

<<  <   >  >>