يقال له: أبو حنيفة، فأتته، فقالت: أنت الذي تُعلِّم الناس المسائلَ، وقد تركت دينك، أين إلهك الذي تعبُدُه؟ فسكت عنها، ثم مكث سبعة أيام لا يُجيبها، ثم خرج إليها، وقد وضع كتابًا: الله - تبارك وتعالى - في السماء دون الأرض، فقال له رجل: أرأيت قول الله - عزَّ وجلَّ -: {وَهُوَ مَعَكُمْ}[الحديد: ٤]، قال: هو كما تكتب إلى الرجل: إنِّي معك، وأنت غائب عنه.
قال البيهقي: لقد أصاب أبو حنيفة - رضي الله عنه - فيما نفى عن الله - عزَّ وجلَّ - من الكون في الأرض، وفيما ذَكَر من تأويل الآية، وتَبِعَ مُطلقَ السمع في قوله: إنَّ الله - عزَّ وجلَّ - في السماء، وقد رواه الذَّهبي في كتاب "العلو" من طريق البيهقي، وقال أبو مطيع البلخي في كتاب "الفقه الأكبر" المشهور، سألت أبا حنيفة عمَّن يقول: لا أعرف ربِّي في السماء أو في الأرض، قال: قد كفر؛ لأنَّ الله - عزَّ وجلَّ - يقول:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه: ٥]، وعرشه فوق سبع سموات، فقلت: إنَّه يقول: {عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه: ٥]، ولكن لا يدري العرش في السماء أو في الأرض، فقال: إذا أنكر أنَّه في السماء، كفر؛ لأنَّه تعالى في أعلى علِّيِّين، وأنه يُدعى من أعلى لا من أسفل؛ انتهى، وقد نقله شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيميَّة في "القاعدة