للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[زفرة مصدور]

نشرت سنة ١٩٤٠

إلى صديقي (فلان):

أنا الآن في شرفتي أطلُّ على دمشق من فوق خمس جوادَّ (١) علوّها مئتا متر، فأراها كلها كصفحة الكف، وقد انتصف الليل وانصرف السامرون آنفاً بعدما أحيوا ليلة من الليالي التي تعرف مثيلاتها في دارنا، وسكن الكون وشمله الجلال، وأنا جالس


(١) الجوادّ جمع جادّة (بتشديد الدال)، وهي -في الأصل- وسط الطريق أو الطريق الكبير الذي تجتمع فيه الطرق الصغيرة، أما في دمشق فهي عَلَم على هذه الطرق التي تمتد على قاسيون أفقياً واحداً فوق واحد، من سفحه إلى حيث تنتهي البيوت التي ارتقت الجبل إلى وسطه، فما كان منها أدنى إلى الطريق العام الذي يمشي بحذاء الجبل (ويسمّونه «السكّة») فهي الجادة الأولى، والتي بعدها أعلى منها هي الثانية، وهكذا إلى السادسة، وهذه الجادات الأفقية تخترقها شوارع عمودية تنطلق من «السكّة» إلى الجادة السادسة أو الخامسة، فتصنع كلها معاً شبكةً من الطرق تغطي صفحة قاسيون في قسمه المأهول. وقد سكن الشيخ علي الطنطاوي -رحمه الله- دهراً في الجادة الخامسة (وقبلها سنين في السادسة) فكان بيته يطل على دمشق كلها إلى وسط الغوطة (مجاهد).

<<  <   >  >>