[في حمى المسجد الأموي وفي ظلال سوره العالي، بين مثوى البطل الأجلّ الملك الناصر صلاح الدين والمدرسة الكلاّسية الأثرية، وبين المدرستين السميساطية والإخنائية، تقوم المدرسة الجَقْمَقية الخالية المائلة التي بناها سنجر الهلالي، وجدّدها الملك الناصر سنة ٧٦١ هـ، ثم احترقت فجددها الأمير سيف الدين جَقْمَق فنُسبت إليه.]
ما مررت بهذه المدرسة الخربة المعطلة وذكرت ما أودعتها من عواطفي وما تركت فيها من حياتي إلاّ تلفت القلب، وصغى الفؤاد، واعتلجت في النفس خواطر وانبثقت للعين صور، أقر بالعجز عن صوغها ألفاظاً مقروءة وجملاً ووضعها في هذه القوالب الجامدة الضيقة وهي أشد انطلاقاً من النور وأوسع من الزمان ... ولا أجد -إذا أردت وصفها- إلا هذا الحديث المعاد وهذا القول المكرر المعار الذي لا يفتأ الشعراء من عهد امرئ القيس، الذي وقف واستوقف وبكى واستبكى، يعيدونه ويرددونه، وهو ما يزال جديداً في كل قلب سريعاً إلى كل لسان ... فأسائل هذه الجدران المائلة، وأخاطب ... هذه الغرف الخالية. وآه! لو تصف