لما سمعت أن الرسالة كادت تستكمل أعدادها الألف دُهشت وفرحت، كما يُدهش من يُقال له لقد غدا ولدك شاباً ويفرح به كأنه يرى شبابه لأول مرة، وما ذاك عن جهل به أو إهمال له، بل لأنه لا يزال يذكر مولده وطفولته، ولأنه يراه كل يوم فلا يحسّ أنه تغير ولا يدري متى جاوز الطفولة إلى الشباب. وأنا أذكر أبداً فرحتي بصدور الرسالة، وموقف أخي أنور العطار وقد جاء بالعدد الأول منها فخبأه وراء ظهره، وقال: احزر! قلت: ماذا؟ قال: الزيات أخرج مجلة أدبية.
إنني أحس -من شدة وقع الفرح في نفسي لمّا قالها- كأنْ قد كان ذلك أمس ... فكيف مرت الأيام حتى بلغ عمر الرسالة ألف أسبوع؟ كيف مر هذا الأمد الطويل وكأنه من قصره ليالي الوصال؟!
* * *
ألف عدد؟! كم أنفقت من ذهني في إعداد المقالات لها ومن أعصابي في ارتقاب وصولها! وكم سألت الباعة عنها،