يا آنسين بالعيد، يا فَرِحين به: هل تسمعون حديث رجل أضاع عيده، وقد كانت له أعياد، أم يؤذيكم طيف الشجى إذ يمر بأحلام أفراحكم الضاحكة؟ إذا كنتم تصغون إلى حديثي فلكم شكري، وإن أنتم أعرضتم عني فما يضرّني إعراضكم، وإن من نِعَم «المِذياع» أنه لا يدري المتكلم فيه مَنْ ينصت له ومن يَشْغب عليه، ولا يسمع مدحاً ولا قدحاً، وما يرى إلا «العلبة» يكلمها، وما ترد علبةٌ على متكلم جواباً.
ولا تقولوا إذا سمعتم حديثي: هذا رجل لا يتكلم إلاّ عن نفسه. فكذلك الأدباء كلهم؛ لا يتكلمون إلاّ عن أنفسهم، ولكنهم إذ يصفون أحلامها وآلامها يصفون أحلام الناس كلهم وآلامهم، فهم تراجمة العواطف، وألسنة القلوب، وصدى الخواطر، حتى ليقول القارئ إذ تمرُّ به آثارهم: ما هذا؟ إن في هذا التعبيرَ عما أحسّ به، إنه وصفٌ لي أنا وحدي ... وما هو له وحده، إنه وصف لكل نفس بشرية.
ألا ما أعظم فضل الأدباء على الناس! ولكن الناس لا يشكرون.