قبلنا أحد؛ لقد خرجوا للقائنا إلى مقبرة القرية، وبلغت أصوات هتافهم لنا قلب الصحراء التي أفلتنا منها ووثبوا للسلام علينا فرحاً بقدومنا.
ولكن أتدري مَن هؤلاء؟
إنها يا صاحبي كلاب المقبرة، رأتنا فعوتنا ووثبت إلينا لتقطع ثيابنا وتنهشنا.
فعرفنا أننا قد بلغنا حلبون (١).
* * *
(١) في الحلقة الرابعة والستين من «ذكريات علي الطنطاوي» ذكر جدي هذه الرحلة ثم قال: "كنت قد كتبت مقالة أصف فيها الجانب المسلي منها ووضعتها في كتابي «من حديث النفس»، ولكني واصفٌ اليوم الجانب الآخر. وإذا كان فيما نُشر من قبل شيء من تهاويل الخيال، فإن الذي أقوله اليوم هو الواقع أرويه كما وقع. كان ذلك سنة ١٩٣١، وكان أخي أنور العطار معلّماً في مدرسة منين خَلَفاً لأخي سعيد الأفغاني، فعين صديقنا حكمة هاشم معلماً في مدرسة حلبون. وكان شاباً في الثامنة عشرة، فضمنّا (أنا وأنور) لأبيه أن نذهب معه إليها"، إلى أن يقول: "وليست القصة عن بلوغنا حلبون ولكن عن الرجوع منها ... "، وبقية القصة ممتعة مشوقة فاقرؤوها في آخر الجزء الثاني من الذكريات (مجاهد).