للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهل كان ذنباً أني لا أقول لسواد الليل: أنت أبيض مشرق، ولا أقول للأعور: ما أحلى عينيك!؟

هذه هي ذنوبي التي خسرت من أجلها صداقات الأصدقاء، وكسبت عداوات الرؤساء، وربحت خصومة الجاهلين، وعُددت بها من كبار المشاغبين.

* * *

لقد قارب الفجر وانطفأت أنوار المدينة. لقد مرّ عليّ ساعتان وأنا أفكر، وكل شيء من حولي ساكن ميت، وكذلك حياتي! إنها خالية منذ سنوات، ليس فيها شيء متحرك ... فأنا أعيش عيش الحالمين، أرقب أبداً الحادث الذي يهز حياتي الساكنة ويحرك مواهبي الخاملة ويدفعني إلى العمل، ولكن انتظاري قد طال حتى كدت أيأس من الانتظار.

إنك تغريني بما حصلت من شهرة وما نلت من مكانة، ولعل في ذلك تسلية لي لو كنت أحسُّ به أو ألمسه، إنني لا أحس والله بهذه الشهرة، إنني كالمغني الأصم الأعمى، يطرب الناس


= مني إلا أن وضعت كفي على طرف المسرح الذي يخطبون عليه وقفزت فصرت فوقه، وأخذت بعنق ثوب الخطيب فجذبته ورميت به من فوق المسرح، فوقع على مَن في الصف الأول، على أستاذنا جودة الهاشمي وعلى إخوانه، واستلمت أنا مكبّر الصوت (الميكروفون) ورددت عليه ... "، انظر التفاصيل في الحلقة ١١١ من «ذكريات علي الطنطاوي» في الجزء الرابع. وفي آخرها: "وكانت عاقبة ما فعلت أنهم نقلوني -عقوبة- إلى دير الزور! " (مجاهد).

<<  <   >  >>