أرسلت «الثقافة» إلى الأستاذ الأديب الدمشقي ترجوه الخروج عن صمته والعودة إلى تلحينه، وقد عرفت منه كاتباً قديراً وأديباً متفنناً، فبعث بهذا الكتاب وأباح لنا نشره. ولعل هذا يكون سبباً باعثاً للأستاذ أن ينفّس عن نفسه، ويستعيد قلمه ويمتع القراء بآثاره، ويتحرر من الدنيا الضيقة التي يعيش فيها بين القضايا وكتب القانون وحيثيات الأحكام إلى الدنيا الواسعة، دنيا العواطف ودنيا الناس ومنازعهم ومشاكلهم وإصلاحهم، فما خُلق الأديب وَقفاً على مثل هذه الدنيا الضيقة.
والأستاذ يعتب على المجلات المصرية أنها تشيد بالتافه من نتاج مصر ولا تشير إلى الجيد من نتاج الأقطار الأخرى كالشام والعراق، وقد سمعنا هذه الشكوى مراراً، وقد يكون فيها شيء من الحق، ولكن أكبر الظن أنه إهمال غير مقصود، ولعلّ كتّاب الشام والعراق يحملون كثيراً من التبعة، فالكتب الشامية والعراقية تظهر بين أظهرهم وهم أعلم الناس بها وبملابساتها وبقيمتها، فلو كتبوا عنها ونقدوها نقداً قيماً وعرّفوا بها تعريفاً صحيحاً لما تأخرت المجلات المصرية عن نشر مقالاتهم ومشاركتهم في الإشادة بالآثار القيمة منها. و «الثقافة» على الأقل تلتزم هذا وتتعهد به، وتعتقد أنها بذلك تسد نقصاً واضحاً فيها وفي سائر المجلات، وهو عدم إيفاء باب النقد حقه، سواء أكان النتاج مصرياً أو عراقياً أو شامياً. وفي انتظار مقالات الأستاذ نحييه ونشكره.