للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الملّيسا والياسمين، وفي صدر الدار إيوان له قوس عال (١) تزيّن جدرانه وسقفه صنعةٌ شامية عجيبة من الحجر المتداخل والخشب المتشابك والقاشاني وبين يديه «فسقية» عجب من العجب، قطعة واحدة من الرخام الوردي على مثال الكأس لها عنق طويل، وتطل نوافذ الإيوان من جهة البلد على بساتين الجسر الأبيض التي تنحدر خلالها السواقي متعاقبة متتابعة، تحمل الماء من يزيد إلى تورا (٢) تهدر به وتتكسر، لا تسرقه كلص متخفّ يخافت الخطو بل كأطفال مدللين يولون بما يخطفون وهم يزأطون ويضحكون ... وتبدو هام الأشجار دُوَين النوافذ فيحس الناظر منها كأنه على أرض من الغصون، وتلوح البلد من بعيد بمآذنها وسقوفها تبدو من خلال الأشجار كمشهد في حلم، وينظر الإيوان من أمام إلى قاسيون الحبيب ... منظر عجب وفتنة لا تنقضي. وإلى جنب الإيوان من هنا القاعة الكبرى بدكتَيها ونقوشها وبركتها، ومن ورائها البستان. ومن هناك القسم الشتوي من الدار: غرف دافئات يسبحن في الضياء ويغتسلن بأشعة الشمس في الشتاء. والبراني قريب منه في بنيانه وبستانه، وهو للضيوف من الرجال لئلا يدخلوا الدار فينتقصوا من حرية النساء (٣).


(١) القوس مؤنَّثة وقد تذكَّر.
(٢) من فروع بردى السبعة، ونهر يزيد أعلاها وهو منسوب إلى يزيد بن أبي سفيان أو يزيد بن معاوية.
(٣) إن أحببتم أن تعرفوا كيف كانت هذه البيوت وكيف عاش فيها أهل الشام في القرن الماضي فاقرؤوا رائعة علي الطنطاوي، «العجوزان»، في كتاب «قصص من الحياة» (مجاهد).

<<  <   >  >>