للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بها عليّ القراء، وهي على وشك الترجمة إلى الأوردية، ولولا الرسالة ما كان هذا كله.

ولكن ما جدوى هذا كله؟ ما الشهرة؟ ما الجاه؟

إني لأكتب هذه الكلمة وأنا في دار في مضايا (١) منفردة في الجبل وأنا مريض وحيد منعزل، فهل أذهبت الشهرة عني المرض أو دفع الجاه عني الملل؟ وكذلك أنا في دمشق؛ أنا منذ سنين أعيش في حلقة مفرَغة لا تكاد تتجاوز الدار والمحكمة، حتى يوم الجمعة وحتى يوم العطلة أذهب إلى المحكمة، كالحمار (ولا مؤاخذة ...) الذي يدور بالسّانية (٢)، إن أطلقت عنقه من الحبل عاد يدور لأنه مربوط من قيد العادة بحبل لا تراه العيون.

فماذا ينفعني في عزلتي وسأمي أن يمدحني في بلاد الله مئة ألف؟ وماذا يضرني أن يذموني أو ألاّ يكونوا قد سمعوا باسمي؟ وماذا يفيدني -وأنا أعيش في دمشق عيش الغريب- أن يكون (وهذا هو الواقع، ولا فخر) بين كل عشرة يمرون في أي شارع


(١) من مصايف الشام، وكان من عادة الشيخ أن يستأجر بها داراً في بعض السنين فيمضي فيها وأسرته الصيفَ بعيداً عن ازدحام دمشق وحرّها، شأنَ كثير من الدمشقيين. وفي إحدى هذه السنين سقطتُ من شرفتها على الصخر سقطةً ارتفاعُها أربعةُ أمتار أو خمسة فانكسر رأسي (وعمري أربع سنين)، ولولا لطف الله لما بقيتُ ولكان قرّاء هذا الكتاب قد حُرموا هذه الحاشية المفيدة! (مجاهد).
(٢) السانية: الناعورة، وتسمى في الغوطة «الحنانة»، ومنه المثل المشهور: «سَيرُ السّواني سَفَرٌ لا ينقطع».

<<  <   >  >>