للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فمالي إذن لا أنام؟ إنه همٌّ أكبر من هذه الهموم كلها؛ إنه هم الأدب! إن ما أنا فيه أصعب من عمل العامل الذي يحفر الطريق ويضرب المعول من الصباح إلى المساء، أصعب والله، لأن العامل يتعب حتى يسيل عرقه ولكنه يجد إذا أكل شهية حاضرة وإذا وضع جنبه على الأرض نام، وأنا أصبح جائعاً فلا أجد الرغبة الصحيحة في الطعام، فإذا أكلت وأنا أفكر لم أهضم ما أكلت. ويقتلني النعاس فأتقلب فلا أستطيع أن أنام، وهل ينام من يدق رأسه بالحجر؟ إن رأسي يدق ولكن من داخل، فيه أفكار تجري وتصطدم فتقرعه، فكيف أنام وهذه الأفكار تدق رأسي دق الحجارة؟

أفكار المقالات والأحاديث والقصص.

إن عليّ أن أعدّ لكم كل جمعة هذا الحديث، وعليّ أن أعدّ خطبة الجمعة في مسجد الجامعة أو أفتش عمّن أوكله بها، وعليّ أن أكتب مقالة الإثنين في «الأيام»، وأنا مرتبط بثلاث مجلات أكتب بها ومجلات أخرى أعاود الكتابة فيها حيناً بعد حين، وعندي كتب أعدّها للطبع، وقد عهدت إليّ داران للنشر أن أكتب لهذه سلسلة من القصص للصغار ولتلك سلسلة في تراجم الرجال (١)، وعليّ فوق ذلك عملي في المحكمة، وهو وحده يملأ وقت مثلي ورأسه


(١) في السنة التي أذيع فيها هذا الحديث والتي بعدها أصدر جدي أكثر كتبه المطبوعة، جمع فيها ما كان نشره منجَّماً مقالاتٍ في الجرائد والمجلات على مر السنين. أما القصص التي كتبها للصغار فسلسلة «حكايات من التاريخ» (وهي سبع) والأخرى التي في تراجم الرجال سلسلة «أعلام التاريخ» وهي في سبعة كتيبات صغار (مجاهد).

<<  <   >  >>