وتمر دقيقة يتبادلان فيها «الشتائم الودّية» المعروفة، ثم يعود الهدوء كما كان حتى لا تُسمع في قاعة الصف الواسعة إلا صلصلة حديد الملقط في المدفأة، أو قرقعة جريدة «الأحرار» في يد طالب، أو سعال آخر في نغمة مزعجة يكون قرارَها صوتُ أحد الطلاب هاتفاً به: وآخرتها؟!
واستمرت الحال على ذلك ربع ساعة، جاء فيها بعض الطلاب فجلسوا حول النار صامتين بعد أن ألقوا على الحاضرين تحية الصباح.
* * *
ثم ظهر فجأة دويّ حديث في زاوية الصف، لم يلبث أن استحال إلى ضجة هائلة اختلطت فيها الأصوات وتباينت فيها اللهجات، فأسرع الحاضرون من هنا وهناك يسألون:
الطالب الشامي: شو، شو الحكاية؟
الطالب الحلبي: أشو خبر خيُّو؟
الطالب العراقي: شنو هي الكصّة (القصة)؟
الطالب المصري: طَبْ ... ما تقولوا إيه الحكاية؟
وبعد لأي ما، استطعنا أن نطفئ لسان النار، وبدأ الحديث بيننا بهدوء واتّساق، فقال السيد «خ»: أرجوكم أيها الإخوان ... لنتكلم بهدوء. هل تريدون أن تسمعوا؟