المعهد وأعمقهم ثقافة. اجتاز فحوص السنتين الأولى والثانية بتفوّق عظيم، وكان محلّ إعجاب الأساتذة والتلاميذ وتقديرهم، حتى إن المحاضرة التي ألقاها في ردهة المعهد تناقلتها ثلاثٌ من جرائد المدينة ولخّصتها مجلة «المقتطف» في مصر بعد أن أثنت على صاحبها وتنبأت له بمستقبل باهر.
- وكيف مات إذن؟
- كان من أولئك الذين قال عنهم الفيلسوف:"وسَكَتَ يفكر".
- اتركه ... مين ما كان. وبعد؟
- الفقراء جيوباً، الأغنياء نفوساً. أجل، لقد كان فقيراً، لا يملك من نشب الدنيا وثرواتها إلا هذه الثروة المعنوية التي جاد بها عليه الله، فلما أكمل الصف الثالث عُرض عليه رسم الشهادة، ولم يكن له إلى جمعه من سبيل ... فامتنع من دخول الفحص.
- باختصار ... جاء الأستاذ.
- وبالاختصار، فقد شعر أنه ضيّع مستقبله وأنه قد انهار صرح آماله، فأطلق على نفسه الرصاص في ساعة هياج وانفعال.