للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله تعالى في شأن الصائمين: كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ.

ومن الأمر الذي خرج المعنى فيه إلى الإباحة قول أبي فراس معاتبا سيف الدولة من قصيدة بعث بها إليه وهو أسير في بلاد الروم:

فدت نفسي الأمير، كأنّ حظي ... وقربي عنده ما دام قرب

فلما حالت الأعداء دوني ... وأصبح بيننا بحر و «درب»

ظللت تبدل الأقوال بعدي ... ويبلغني اغتيابك ما يغب (١)

فقل ما شئت فيّ فلي لسان ... مليء بالثناء عليك رطب

وعاملني بإنصاف وظلم ... تجدني في الجميع كما تحب

٧ - التعجيز: وهو مطالبة المخاطب بعمل لا يقوى عليه، إظهارا لعجزه وضعفه وعدم قدرته، وذلك من قبيل

التحدي، نحو قوله تعالى: يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ، ونحو قوله تعالى في شأن من يرتابون في نزول القرآن على الرسول:

وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. فليس المراد طلب إتيانهم بسورة من مثل القرآن الكريم لأنه محال عليهم أن يأتوا بسورة من نوعه، وإنما المراد هو تحديهم وإظهار عجزهم.

ومن الأمر الذي خرج إلى التعجيز قول الطغرائي:

حب السلامة يثني همّ صاحبه ... عن المعالي ويغري المرء بالكسل

فإن جنحت إليه فاتخذ نفقا ... في الأرض، أو سلّما في الجو فاعتزل

وقول آخر:

أروني بخيلا طال عمرا ببخله ... وهاتوا كريما مات من كثرة البذل

٨ - التهديد: ويكون باستعمال صيغة الأمر من جانب المتكلم في


(١) ما يغب: ما ينقطع، بمعنى اغتيابك لا يتأخر عني يوما بل يصل إلي كل يوم.

<<  <   >  >>