مقام عدم الرضا منه بقيام المخاطب بفعل ما أمر به تخويفا وتحذيرا له.
ويسميه ابن فارس «الوعيد»، نحو قوله تعالى: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ، فالأمر هنا موجه لمن يلحدون في آيات الله، وكقوله أيضا:
فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ،* وقوله: قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ.
ومن أمثلته شعرا:
إذا لم تخش عاقبة الليالي ... ولم تستحي فاصنع ما تشاء
٩ - التسوية: وتكون في مقام يتوهم فيه أن أحد الشيئين أرجح من الآخر، نحو قوله تعالى: أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ فقد يظن أو يتوهم أن الإنفاق طوعا من جانب المأمورين هنا أرجح في القبول من الإنفاق كرها، ولذلك سوّي بينهما في عدم القبول. ونحو قوله تعالى أيضا:
اصبروا أَوْ لا تَصْبِرُوا، فليس المراد في الآيتين الأمر بالإنفاق أو الصبر، وإنما المراد هو التسوية بين الأمرين.
ومثله من الشعر قول المتنبي:
عش عزيزا أو مت وأنت كريم ... بين طعن القنا وخفق البنود
فالمعيشة العزيزة والموت الكريم كلاهما سواء، ولا أحد من الأمرين يرجح الآخر.
١٠ - الإهانة والتحقير: ويكون بتوجيه الأمر إلى المخاطب بقصد استصغاره والإقلال من شأنه والإزراء به وتبكيته، نحو قوله تعالى: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ وقوله تعالى على لسان موسى مخاطبا السحرة:
أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ*.
ومثله من الشعر قول جرير في هجاء الفرزدق:
خذوا كحلا ومجمرة وعطرا ... فلستم يا فرزدق بالرجال
وشمّوا ريح عيبتكم فلستم ... بأصحاب العناق ولا النزال (١)
(١) العيبة بفتح العين: وعاء من أدم يكون فيه المتاع.