صلّى الله عليه وسلّم خرج وقد فرش حسان فناء أطمه، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، سماطين وبينهم جارية لحسان يقال لها شرين ومعها مزهر تغنيهم، وهي تقول في غنائها:
هل عليّ ويحكم ... إن لهوت من حرج
فتبسّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقال: لا حرج.
وأخرج أبو الفرج في الأغاني عن أبي وجزة السعدي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ليس شعر حسان بن ثابت، ولا كعب بن مالك، ولا عبد الله ابن رواحة شعرا، ولكنه حكمة. وأخرج البخاري في تاريخه عن محمد بن سيرين قال: كان أشعر أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حسان بن ثابت، وكعب ابن مالك، وعبد الله بن رواحة. وأخرج ابن عساكر من طريق أبى اسحق عن سعد ابن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت عن أبيه قال: مرّ حسان بن ثابت برسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومعه الحارث المري، فقال حسان للحارث (١).
يا حار من يغدر بذمّة جاره ... منكم فإنّ محمّدا لا يغدر
وأمانة المرّيّ حيث لقيته ... مثل الزّجاجة صدعها لم يجبر
إن تغدروا فالغدر منكم عادة ... والغدر ينبت في أصول السّخبر
فقال الحارث للنبي صلّى الله عليه وسلّم: إني أعوذ بالله وبك من هذا، ان شعر هذا لو مزج بماء البحر لمزجه. وأخرج ابن عساكر من طريق موسى بن علي بن رباح قال: حدثني شيخ صار بأفريقية من أهل المدينة، قال: سمعت حسان بن ثابت في جوف الليل وهو ينوّه باسمائه ويقول: أنا حسان بن ثابت، أنا ابن الفريعة، أنا الحسام. فلما أصبحت غدوت عليه فقلت له: سمعتك البارحة تنوّه باسمائك، فما الذي أعجبك؟ قال: عالجت بيتا من الشعر، فلما أحكمته نوّهت باسمائى!