للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأنّكما خلّفتماني بقفرة ... تهيل عليّ الرّيح فيها السّوافيا

يقولون لا تبعد وهم يدفنونني ... وأين مكان البعد إلّا مكانيا

غداة غد، يا لهف نفسي على غد ... إذا أدلجوا عنّي، وأصبحت ثاويا

وأصبح مالي من طريف وتالد ... لغيري وكان المال بالأمس ماليا

قال القالي في أماليه (١): قال أبو عبيدة: لما ولّى معاوية سعيد بن عثمان ابن عفّان خراسان، سار فيمن معه فأخذ

طريق فارس، فلقيه بها مالك بن الرّيب ابن حوط بن قرط بن حلّ بن ربيعة بن حرقوص بن مازن بن مالك بن عمرو ابن تميم، وكان مالك فيمن ذكروا من أجمل العرب جمالا وأبينهم بيانا، فلما رآه سعيد أعجبه، فقال له: ويحك يا مالك! ما الذي يدعوك إلى ما يبلغني عنك من العداء وقطع الطريق؟ فقال: أصلح الله الأمير، العجز عن مكافأة الإخوان. قال: فإن أغنيتك واستصحبتك أيكفّك ذلك عسا تفعل وتبتغي؟

قال: نعم، فاستصحبه وأجرى عليه خمسمائة دينار في كل شهر، وكان معه حتى قتل سعيد، ومكث مالك بخراسان حتى هلك هناك. فقال هذه القصيدة يذكر مرضه وغربته. وقال بعضهم: بل مات في غز وسعيد، طعن فسقط وهو بآخر رمق.

وقال بعضهم: بل مات في خان، فرثته الجنّ لما رأت من غربته ووحدته، ووضعت الجنّ القصيدة تحت رأسه، فالله أعلم أيّ ذلك كان، انتهى.

ثم قال القالي: الغضا شجر ينبت في الرمل ولا يكون غضاء إلا في الرمل (٢).

وأزجي: أسوق. والنواجي: السراع. وقوله:

ألم ترني بعت الضّلالة بالهدى

يقول: بعت ما كنت فيه من الفتك والضلالة بأن سرت في جيش سعيد بن عثمان بن عفان. وقوله: (يقرّ بعيني أن سهيلا) لا يرى بناحية خراسان، فيقول:

ارفعوني لعلي أراه فتقرّ عيني لأنه يراه من بلده. والرواني: النواظر. وتهيل:


(١) الذيل ١٣٥، والخزانة ١/ ٣٢٠ - ٣٢١.
(٢) انظر الخزانة ١/ ٣١٩ - ٣٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>