للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وضرب لم يعلم من الدين ضرورة، ولكنه أجمع عليه جميع الأمة في جميع الأعصار والأمصار كوجوب الصداق في النكاح، وتحريم المطلقة ثلاثًا إلا بعد زوج، وغير ذلك، فهذا ضرب من خالف فيه فهو مخطئ بإجماع وهو فاسق.

وضرب يسوغ فيه الاجتهاد وهي المسائل التي اختلف فيها فقهاء الأمصار على قولين فأكثر، ففي التصويب في هذا الضرب اختلاف العلماء، فقال قوم: "إن الحق في ذلك كله واحد وما عداه باطل، ولكن المخطئ فيه غير مأثوم" وهو مذهب الشافعي وقال قوم: "كل مجتهد مصيب"، وهو قول أبي حنيفة وأبي الحسن الأشعري والقاضي أبي بكر وأكثر المتكلمين، ونقل عن مالك القولان (١).

[الباب الرابع: في التقليد]

ومعناه: قبول قول الغير من غير دليل (٢)، وقد اختلف العلماء في جوازه، وفي ذلك تفصيل:

- أما أصول الدين، فمنع أكثر المتكلمين من التقليد فيها، وأجازه أكثر المحدثين وغيرهم (٣).

- وأما فروع الفقه التي علمت من الدين ضرورة فلا يجوز التقليد فيها لاشتراك الناس في العلم بها.

وأما الفروع التي لا تعلم إلا بالنظر والاستدلال، فيجوز للعامي الذي لا يعرف طرق الأحكام أن يقلد عالمًا ويعمل بقوله عند الجمهور.

[فروع]

الأول: يجوز تقليد المذاهب في النوازل والانتقال من مذهب إلى مذهب بثلاثة شروط:

- أحدها: أن يعتقد فيمن يقلده العلم والفضل.

- الثاني: لا يتبع رخص المذاهب.

- الثالث: لا يجمع بين المذاهب على وجه يخالف الإجماع، كمن تزوج بغير صداق ولا ولي ولا شهود، فإن هذه الصورة لم يقل بها أحد.


(١) انظر الأحكام للآمدي ٣/ ٢١٩.
(٢) انظر البرهان ٢/ ١٣٥٧، وروضة الناظر ٢/ ٤٥٠.
(٣) انظر الأحكام للآمدي ٣/ ٢٤٦، وروضة الناظر ٢/ ٤٥٠.

<<  <   >  >>