- الأول: العمل بهما، وذلك بالجمع بينهما على قدر الإمكان ولو من وجه واحد، وهذا أولى الطرق لأنه ليس فيه إطراح لأحدهما.
- الثاني: ترجيح أحدهما على الآخر بوجه من وجوه الترجيح المذكورة بعد.
- الثالث: نسخ أحدهما بالآخر وشرط معرفة المتقدم والمتأخر منهما.
فإن عجز عن الجمع والترجيح تساقط الدليلان ووجب التوقف أو تقليد مجتهد آخر عشر على الترجيح، وقال القاضي أبو بكر بن الطيب:"يتخير في العمل بأيهما شاء"، وقال الأبهري:"يتعين الحظر"، وقال أبو الفرج:"تتعين الإباحة" بناء على أصله أن "الأشياء على الإباحة".
[الباب السابع: في الترجيح]
اتفق جمهور العلماء على القول بالترجيح بين الأدلة، وأنكره بعض الناس والصحيح القول به، وإنما يتاتى في المظنونات، وأما القطعيات فلا يتأتى فيها لتعذر التفاوت بين القطعيين، إذ ليس بعض المعلومات أقوى وأغلب من بعض وإن كانت بعضها أجلى وأقرب حصولًا وأشد استغناء عن التأمل.
فإذا تقرر هذا، فلا يخلو أن يكون الدليلان المتعارضان قطعيين، أو ظنيين، أو أحدهما قطعي والآخر ظني:
فإن كانا قطعيين، كالنصوص المتواترة، فللمجتهد حالتان: الجمع بينهما إن أمكن، والنسخ إن علم (التأويل).
وإن كانا ظنيين، كالظواهر والعمومات ونصوص أخبار الآحاد فلها ثلاثة أحوال: الجمع إن أمكن، والنسخ إن علم التاريخ، والترجيح.
وإن كان أحدهما قطعيًا والآخر ظنيًّا، فإن جهل التاريخ تعين المعلوم، وإن تاخر المعلوم نسخ المظنون، كان تأخر المظنون لم ينسخ المعلوم (١).