للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نظر، وتصوير ما ذكره من المعني: أن الزوج قد يحتاج إلى الإبانة لئلا يقع في الرجعة بغير قصد منه، بأن تأتي المرأة إليه فتقبله بشهوة فيصير بذلك مراجعًا وهو لا يريد الرجعة فيحتاج إلى طلاق ثان وثالث، فيسند عليه باب التدارك بالنكاح بعد ذلك، فهو لأجل ذلك يحتاج إلى أن يشرع له إثبات البينونة عند الطلاق لئلا ينسد عليه باب تدارك هذه المصلحة، ولقد ضعفت مسألة هذا دليلها، فإن هذه المصلحة التي يريدها يمكن تحصيلها من غير ارتكاب هذا المحذور الذي يلزم منه إذا ندم بعد ذلك يجد باب التدارك مسدودًا عليه بل هذا أغلب وأكثر وقوعًا؛ إن الرجل إنما يطلق زوجته لما يقوم في نفسه منها من النفرة، والإنسان محل التغير فربما يندم بعد ذلك وتتغير تلك النفرة برغبة ولا يتمكن من العود إليها إلا برضاها، وقد لا ترضي فيقع في حرج عظيم، فأين هذه المصلحة من تلك المصلحة التي يمكن تداركها بالتحرز عنها؟ وباب التحرز عنها واسع، فلا يعمر قصرًا ويهدم مصرًا.

وكيف يقال فيما فيه مصلحة من وجه ومفسدته أعظم من مصلحته أنه يكون مشروعًا، فهذه الخمر وإن كان فيها منافع للناس، ولكن مضارها تربو على منافعها فكان من كمال هذه الشريعة تحريمها، وهذه سنة الله فيما شرعه، وفيما قدره، فما كانت مصلحة حصوله أعظم من مفسدة فواته شرعة وقدره، والعكس بالعكس، مع أن ثبوت الرجعة من جانب المرأة وإن كان اختلاسًا منها بغير اختيار من الزوج بأن قبلته بشهوة، أو لمسته بشهوة، أو نظرت إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>