الثالث: أن الوقوف ليس بعبادة مقصودة؛ ولهذا لا يتنفل به، والطواف عبادة مقصودة؛ ولهذا ينتفل به، فوجود أصل نية الحج يكفي في الوقوف دون الطواف لذلك. وهذا فاسد أيضًا؛ لأن كليهما ركن، وإن كان الوقوف مقدمًا على الطواف كتقديم الوسيلة، فلا يستغنى عن النية كما في القيام مع الركوع والسجود في الصلاة. وقال أبو عمر بن عبد البر: الذي يدخل علينا في هذا أن الوقوف بعرفة فرض يستحيل أن يتأدى من غير قصد بالنية والعمل. هذا هو الصحيح في هذا الباب، والله الموفق للصواب. ووافق أبو حنيفة مالكًا فيمن شهد عرفة مغمى عليه ولم يفق حتى انصدع الفجر، وخالفهما الشافعي فلم يجز للمغمى عليه وقوفه بعرفة حتى يصح، ويقف عالمًا بذلك، قاصدًا إليه، وبقول الشافعي قال أحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وداود وأكثر الناس.
قوله:(ومن أغمى عليه فأهل عنه رفقاؤه جاز عند أبي حنيفة، وقالا: لا يجوز).