وأما مفهومه إذا قلنا بدلالة مفهوم العدد فإنما يدل على أن الحكم في المسكوت عنه مخالف للحكم في المنطوق به بوجه من الوجوه، ولا يلزم أن يكون الحكم في كل صورة من صور المسكوت عنه مخالف للحكم في كل صورة من صور المنطوق به. وهذا معنى قولهم: المفهوم لا عموم له، فلا يلزم أن كل ما لم يبلغ القلتين ينجس، بل إذا قيل بالمخالفة في بعض الصور حصل المقصود.
وأيضًا فالنبي -صلى الله عليه وسلم -لم يذكر هذا التقدير ابتداء، وإنما ذكره في جواب من سأله عن يماه الفلاة التي تردها السباع والدواب، والتخصيص إذا كان له سبب غير اختصاص الحكم لم يبق حجة، كقوله تعالى:{ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق}، خص هذه الصورة بالنهي لأنها هي الواقعة،