قال ابن جني: واعلم أن الظرف قد يقع خبرًا عن المبتدأ, وهو على ضربين: ظرف زمان, وظرف مكان, والمبتدأ على ضربين: جثة, وحدث, فالجثة: ما كان عبارة عن شخص نحو: زيد وعمرو والحدث: هو المصدر نحو: القيام والقعود.
فإذا كان المبتدأ جثة ووقع الظرف خبرًا عنه, لم يكن ذلك الظرف إلا من ظروف المكان تقول: زيد خلفك, فزيد مرفوع بالابتداء, والظرف بعده خبر عنه, والتقدير: زيد مستقر خلفك, فحذف اسم الفاعل تخفيفًا للعلم به, وأقيم الظرف مقامه, فانتقل الضمير الذي كان في اسم الفاعل إلى الظرف, وارتفع ذلك الضمير بالظرف كما كان يرتفع باسم الفاعل, وموضع الظرف رفع المبتدأ. ولو قلت: زيد يوم الجمعة أو نحو ذلك لم يجز, لأن ظروف الزمان لا تكون أخبارًا عن الجثث, لأنه لا فائدة في ذلك, فأما قولهم: الليلة الهلال, فإنما تقديره الليلة حدوث الهلال أو طلوع الهلال, فحذف المضاف ٨/ب وأقيم المضاف إليه مقامه / قال الله تعالى: {وسئل القرية التي كنا فيها} أي: أهل القرية, ومثله قول الشاعر:
أكل عام نعم نحوونه ... يلقحه قوم وتنتجونه
= أي: أكل عام حدوث نعم أو إحراز نعم.
ــ
أراد سبعون إردبًا منه بدينار.
قال ابن الخباز: وإنما جاز وقوع الظرف خبرًا عن المبتدأ, لأن الظرف ضربان: ظرف زمان, وظرف مكان, والحاجة داعية إلى معرفة زمان الشيء ومكانه كما تدعو إلى معرفة صفته, لأن ذلك يجوز أن يجهل, ويدلك على دعاء الحاجة إليه أنهم وضعوا للسؤال عن الزمان والمكان «متى, وأيان, وأنى» كما وضعوا للسؤال عن الصفة كيف وما ذلك إلا لطلب العلم.