قال ابن جني: اعلم أن الندبة إنما وقعت في الكلام تفجعًا على المندوب وإعلامًا من النادب أنه قد وقع في أمر عظيم وخطب جسيم, وأكثر من يتكلم بها النساء, وعلامتها ياووا لابد من أحدهما, وتزيد ألفًا في آخر الاسم لمد الصوت, فإذا وقفت ألحقتها هاء, وإذا وصلت حذفت الهاء, وإن شئت لم تلحق الألف, وذلك قولك: وازيداه واعمراه, وإن شئت / قلت: وازيد ٣٢/ب ووا عمرو. وتقول: وازيدًا واعمراه تلحق الهاء في الذي تقف عليه.
واعلم أنك لا تندب إلا بأشهر أسماء المندوب ليكون ذلك عذرًا لك في تفجك عليه, ولا تندب نكرة ولا مبهما فلا تقول: واهذاه ولا واتلكاه, وكذلك لا تقول:
وامن لا يعنيني أمر هوه, لما قدمنا. ولكن تقول: وامن حفر بئر زماماه, لأنه معروف. وإذا ندبت مضافًا أوقعت المد على آخر المضاف إليه تقول: واعبد الملكاه ويا أبا الحسناه.
ــ
(باب الندبة)
قال ابن الخباز: الندبة مصدر قولك: ندبت الميت أندبه ندبًا وندبةً إذا بكيت عليه وعددت محاسنه وذلك لأن الإنسان إذا / فقد من يعز عليه أحب أن يسعد ١٠٩/ب على ما نزل به من المصيبة, فإذا ندب الفقيد عرف بفقده من لم يعرف, فكان ذلك ذريعة إلى إسعاده. والخطب الأمر العظيم, والجسيم بمعنى العظيم, وأصله من قولهم للعظيم الجسم: جسيم. قال أبو الحسن الأخفش: وأكثر من يتكلم بها النساء, لأنها ضعيفات عن احتمال المصائب, وكذلك قال أبو تمام رحمه الله: