. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= الأصل في العمل, ويظهر أثر الخلاف في أن الظرف في القول الأول مفرد, لأنه نائب عن مفرد وفي القول الثاني جملة, لأنه نائب عن جملة, وعلى كلا التقديرين في المحذوف ضمير, واختلفوا بعد الحذف في الضمير, فمنهم من قال: هو داخل في الحذف, لأنه لما حذف رافعه حذف معه. وقال قوم: نقل الضمير إلى الظرف فصار مرتفعًا على جهة النيابة عن المحذوف. واحتج هذا القائل بقول الشاعر:
٢٤ - فإن يك جثماني بأرض سواكم ... فإن فؤادي عندك الدهر أجمع
فرفع أجمع لابد أن يستند إلى مؤكد مرفوع, وليس في الكلام شيء غير الضمير, المستكن في «عندك» وروى سيبويه عن العرب: «مررت بقوم مع فلان أجمعون» وهو مثل البيت.
٢٣/أولا يجوز حذف ما يتعلق به الظرف / إلا إذا كان حالة عامة للاستقرار والكون. فإن كان حالة خاصة كالقيام والقعود لم يجز حذفها فلا تقول: زيد خلفك وأنت تريد قائم خلفك, لأنه لا يلزم من استقراره خلفه قيامه. ولا يجوز الإخبار عن الجثة بظرف الزمان فلا تقول: زيد يوم الجمعة, لأنه لا فائدة فيه, وذلك لأن يوم الجمعة متى وجد لم يخل زيد منه, فحاصل الفرق بين الزمان والمكان: أن الجثث لا تشترك في المكان الواحد, ولكن تشترك في الزمان الواحد, فلذلك أخبر عنها بظرف المكان ولم يخبر بظرف الزمان, فأما قولهم: «الليلة الهلال» فوجه إيراده أن الهلال جثة, وقد أخبر عنها بظرف الزمان, والقول في ذلك أن التقدير: الليلة طلوع الهلال وحدوث الهلال, فالظرف خبر عن المصدر لا عن الجثة, والذي سوغ حذف المضاف: أن قولهم «الليلة الهلال» لا يقال في الليلة التاسعة والعشرين, لأن الشهر لا يكون ثمانية وعشرين, ولا في الليلة الحادية والثلاثين, لأنه لابد من طلوعه, وإنما يقال في الليلة الثلاثين, لأنه يجوز طلوعه وعدم طلوعه, ففي الإخبار به فائدة.