. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= المكان في الظرفية كالزمان, لأن أسماء الزمان كلها ظروف, وليست أسماء المكان كلها ظروف.
وها هنا تقسيم يتبين به أمر المكان فنقول: إن المكان ثلاثة أقسام: الأول: المجهول القدر والصورة, كالجهات الست التي لابد لكل متحيز منها وهي: خلف, وأمام, وفوق, وتحت, ويمين, وشمال, فهذه ظروف, وذلك لأنها أشبهت الزمان من وجهين: الأول: أنها تنتقل, ألا ترى أن خلفك يكون أمامك, لأنه كان خلفك حين استدبرته, فصار أمامك حين استقبلته [كالزمان يكون مستقبلًا, والمستقبل] يصير حالًا, والحال يصير ماضيًا؟ .
والوجه الثاني: أنها عامة, ألا ترى أنك إذا قلت: قام زيد, تناول الزمان الماضي منذ خلق الله الدنيا إلى وقت حديثك؟ .
القسم الثاني: ما كان معلوم القدر مجهول الصورة نحو: الفرسخ والميل / ٥٣/ب والبريد فهذا يكون ظرفً, لأنه أشبه الجهات الست في التنقل.
الثالث: ما كان معلوم القدر والصورة, كالدار والمسجد, وهذا لا يكون ظرفًا, لأنه اسم لمكان مخصوص كزيد وعمرو, فكما لا تقول: جلست زيدًا, لا تقول: جلست المسجد, ونعود إلى الباب فنسوقه على ما ذكر.
قوله: (والمبهم ما لم تكن له أقطار تحصره) مؤذن بأنه لا يريد بالمبهم النكرة, وإنما يرد به ما كان مجهول الصورة. والأقطار جمع قطر, يقال: قطر وقتر, والقطر جانب الشيء.
وقوله: (مما في الفعل دلالة عليه) غير مستقيم, لأن الفعل لا يدل على المكان بالصيغة كما يدل على الزمان, ولذلك لم يكن كل أسماء المكان ظروفًا.
وخلف الأكثر فيها الإعراب, وقد جاءت مبنية, أنشدني بعض الأدباء:
١٠٨ - من خلف تطمح عنه عين ناظره ... والنصر يقدمه قدام قدام