كان متمتعًا بذكاء مفرط, وقريحة وقادة, وبصيرة نافذة, ودقة بالغة في تصوير المعاني التي يريد إبرازها, وقدرة فائقة في حصر مسائل الموضوع الذي يريد الحديث عنه.
ومن الملاحظ أن نظرته هذه إلى التقسيم تجعله يري في بعض المسائل التي يبحثها قسمين أو أكثر تتفرع عليهما, ولذلك فهو يشطر المسألة بينهما, ويضع قوله: لا يخلو أو لا تخلو, أو إما أن يكون كذا وإما أن يكون كذا, فاصلًا بين هذه الأقسام.
٢ - التعريفات:
من الملاحظ أن ابن الخباز في كتابه «توجيه اللمع» يبدأ أكثر أبوابه بالتعريفات, وهي أقرب إلى روح اللغة والنحو, وفي بعض الأحيان يقف بعضها عند حدود المعنى اللغوي, وإليك بعض هذه التعريفات.
قال ابن الخباز: (باب الاستثناء) هو استفعال من ثنيت أثنى إذا عطفت, وذلك أنك إذا ذكرت المستثنى فقد عطفته عن الحكم الذي لغيره وثنيته عنه.
وقال: (باب الإضافة) للإضافة معنيان: لغوي, وصناعي, فاللغوي: الإسناد, تقول: أضفت ظهري إلى الحائط أي: أسندته إليه ... وأما الصناعي: فهو ضم اسم أول إلى اسم ثان ليس بخبر ولا تابع ولا حال من غير فاصل بينهما.
وقال: (باب الوصف) يقال: وصف, وصفة, ونعت, فالوصف: المصدر والصفة: اللفظ الجاري على الموصوف.
وقال: (باب الندبة): الندبة مصدر قولك: ندبت الميت أندبه ندبًا وندبة إذا بكيت عليه وعددت محاسنه.
وقال: (باب العدد): العدد: مصدر قولك: عددت الشيء أعده عدا والعدد بمعنى المعدود كما أن القبض بمعنى المقبوض.
ومما تقدم ندرك بجلاء أن ابن الخباز كان في تعريفاته يميل إلى اللغة أكثر منه إلى الحدود النحوية, وهذه ظاهرة واضحة في كتابه مما يجعلنا نوقن أنه كان عالمًا باللغة كما كان عالمًا بالنحو.
٣ - المصطلحات:
يغلب على ابن الخباز - كما هو واضح من كتابه - استعمال المصطلحات