للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن جني: واعلم أن فعل التعجب إنما مبناه من الثلاثي تقول: قام زيد ثم تقول: ما أقومه وما أقعده فإن تجاوز الماضي ثلاثة أحرف لم يجز أن تبني منه فعل التعجب وذلك نحو: دحرج واستخرج, فإن أردت ذلك قلت: ما أشد دحرجته, وما أسرع استخراجه, وكذلك ما أشبهه, وكذلك الألوان والعيوب الظاهرة لا تقول من الحمرة: ما أحرمه ولا من الصفرة: ما أصفره, ولا من الحول: ما أحوله. ولا من العرج: ما أعرجه, فإن أردت ذلك قلت: ما أشد حمرته, وما أقبح حوله وعرجه, وكل ما جاز فيه ما أفعله جاز فيه أفعل به, وهو أفعل منك, وما لم يجز فيه ما أفعله لم يجز فيه أفعل به ولا هو أفعل منك, تقول: ما أحسن أخاك وكذلك تقول: أحسن به وهو أحسن منك, ولاتقول: ما أحمره, وكذلك لا تقول: أحمر به, ولا هو أحمر منك, ولكن تقول: ما أشد حمرته, وكذلك تقول: أشدد بحمرته, وهو أشد منك حمرة وأقبح بحوله, وهو أقبح حولًا منك.

ــ

قال ابن الخباز: واعلم أن فعل التعجب في الأصل ثلاثي مجرد نقل بالهمزة فتعدى إلى المفعول به, وهو في الأصل: فعل, كجلس وفعل كفرح وفعل كظرف تقول: ما أجلسه وما أفرحه وما أظرفه. وها هنا نكتة: وهو أنهم لا ينقلونه بالهمزة حتى ينقلوه إلى فعل بالضم إن كان مفتوح العين أو مكسورها كأنهم قالوا: جلس وفرح لأن التعجب من أبواب المبالغة فنقل الفعل الذي يثنى منه إلى بنائها وليس كل فعل يبنى منه فعل التعجب, فالذي يجوز بناؤه منه ما ذكرناه, وما كان في معناه. والذي يمتنع بناؤه منه أربعة أنواع: الأول: أن يكون الفعل ثلاثيًا ميزدًا, وذلك نحو: استغفر وانطلق وتكسر لا يجوز بناء فعل التعجب منه, لأن هذه الزوائد لمعان, فإن حذفتها زالت, وإن أثبتها لم يمكن الإتيان بالهمزة. الثاني: الرباعي, يستوي في ذلك المجرد منه كدحرج, والمزيد منه كأقشعر, لأنه لا يمكن إدخال خمزة النقل عليه. الثالث: أفعال الألوان, يستوي / في ذلك مجردها كسود ١٢٤/ب وزرق ومزيدها كاسود وابيض. الرابع: أفعال العيوب الظاهرة, وكعمي وعور

<<  <   >  >>