قريشي وهذيلي, واستشهادًا على ذلك ذكر ثلاثة أبيات, موطن الشاهد في ثالثهم وهو:
بحي قريشي عليه مهابة ... سريع إلى داعي الندى والتكرم
ثم قال: وقال الآخر:
هذيلية تدعو إذا هي فاخرت ... أبا هذليًا من غطارفة نجد
أما ما وجد في كتابه من شعر «أبي تمام والبحتري» وهما شاعران محدثان, فهذا لا يعاب عليه, لأنه ذكر لأبي تمام بيتين: أحدهما: في باب التصغير وأعتقد أنه ذكره لمجرد التمثيل والائتناس لا للاحتجاج. والثاني ذكره في خاتمة كتابه استشهادًا على معنى لغوي. أما بيت البحتري فقد ذكره في باب الإمالة واستشهد به على معنى لغوي أيضًا.
وبعد ما تقدم ما يمكن أن نقول: إن ابن الخباز كان واسع الفكر دائم البحث فيما خلفه المتقدمون من تراث أدبي عريض, جدير بالتنقيب عن لآلئه والغوص في أعماقه, لاستخراج درره, مما يشعر بأنه كان قوي الحافظة, حاد الذهن نادر الذكاء.
٨ - الاستشهاد بالحديث:
الاستشهاد بالحديث ظاهرة واضحة في مؤلفات ابن مالك رحمه الله قال السيوطي: قال أبو حيان في شرح التسهيل: قد أكثر هذا المصنف من الاستدلال بما وقع في الأحاديث على إثبات القواعد الكلية في لسان العرب, وما رأيت أحدًا من المتقدمين والمتأخرين سلك هذه الطريقة غيره.
ومنع الاستشهاد بالحديث ابن الضائع وأبو حيان, قال السيوطي: قال أبو حيان: «وإنما ترك العلماء ذلك لعدم وثوقهم أن ذلك لفظ الرسول صلى الله عليه وسلم إذا لو وثقوا بذلك لجرى مجرى القرآن في إثبات القواعد الكلية, وإنما ذلك لأمرين: أحدهما: أن الرواة جوزوا النقل بالمعنى ... الثاني: أنه وقع اللحن كثيرًا فيما روي من الحديث, لأن كثيرًا من الرواة كانوا غير عرب بالطبع. وقال السيوطي أيضًا: قال أبو الحسن بن الضائع في شرح الجمل: تجويز الرواية بالمعنى هو السبب عندي في ترك الأئمة كسيبويه وغيره الاستشهاد على إثبات اللغة بالحديث, واعتمدوا في ذلك على القرآن وصريح النقل عن العرب, ولولا تصريح العلماء بجواز النقل بالمعنى في الحديث لكان