للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن جني: وقد عقدت العرب جملة القسم من المبتدأ والخبر. كما عقدتها من الفعل والفاعل, فقالت: لعمرك لأقومن, ولأيمن الله لأذهبن, فعمرك مرفوع بالابتداء.

وخبره محذوف, والتقدير: لعمرك ما أحلف به, وقولك: لأقومن جوب القسم, وليس بخبر المبتدأ, ولكن صار طول الكلام بجواب القسم عوضًا من خبر المبتدأ, وكذلك القول في لأيمن الله, قال الشاعر:

فقال فريق القوم لما نشدتهم ... نعم وفريق لأيمن الله ما تدري

/ فإن حذفت اللام نصبت على ما تقدم فقلت: عمرك لا قمت, وأيمنك لا انطلقت. ٥٠/ب

ــ

= وقال تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق النبييين / لما آتيتكم من كتاب وحكمة}. ١٥٨/أ

قال ابن الخباز: وقد عقدت العرب جملة القسم من المبتدأ والخبر, نزلوهما منزلة الفعل والفاعل, لأن كل واحدة من الجملتين مشتملة على مسند ومسند إليه, قالوا: لعمرك لأفعلن أيمن الله لأذهبن. أما عمرو: فمعناه: الحياة, وفيه ثلاث لغات: عمرو كفلس وعمرو كقفل, وعمرو كعنق, واختاروا للقسم الفتح لكثرته في كلامهم, وخفة الفتحة فإذا قلت: لعمرك لأفعلن, (فعمرك) مرتفع بالابتداء, وخبره محذوف, كأنك قلت: لعمرك ما أقسم به أي: الذي أقسم به حياتك, فحذف, لأن طول الكلام بجواب القسم صار عوضًا من الخبر. وليس قولك: «لأفعلن» خبر المبتدأ. لوجهين: أحدهما: أنه لو كان خبرا له بقي القسم بلا جواب. والثاني: أنه جملة والجملة إذا أخبر بها عن المبتدأ وجب أن يكون فيها ذكر ظاهر كقولك: زيد ضربته أو مقدر كقولك: «البر الكر بستين» وليس في قولك: «لأفعلن» ذكر ظاهر ولا مقدر. وتقول: لعمري لأفعلن, فتقسم بحياة نفسك, قال الشاعر:

٤٠٩ - لعمري وما عمري على بهين ... لقد ساءني طورين في الشعر حاتم

<<  <   >  >>