قال ابن جني: فإن وقفت على المرفوع والمجرور حذفت التنوين, لأنه زائد لا يوقف عليه, وأسكنت آخرهما, لأن المعرب تبتدئ بالمتحرك وتقف على الساكن, تقول في الوقف: هذا زيد, ومررت يزيد, فإذا وقفت على المنصوب المنون أبدلت من تنوينه في الوقف ألفا تقول في الوقف: رأيت زيدًا, فإن لم يكن المنصوب منونًا كان الوقف عليه ساكنًا كالمرفوع والمجرور, تقول في الوقف: ضربت عمر, وأكرمت الرجل.
ــ
قال ابن الخباز: واعلم أن ذكر أحكام الوقف في أوائل كتب النحو مستهجن, لأن أوائلها مبنية على مقدمات الإعراب, ثم إن سيبويه الذي لم يرتب النحو ذكر الوقف في الأواخر مجاورًا للتصريف, فما ظنك بمن رتب.
وإنما جيء بالوقف في الكلام لراحة المتكلم, وحذف التنوين من الموقوف عليه, لأنه لو أثبت لالتبس بالنون الأصيلة, هذا قول سيبويه. وحذف الحركة, لأن السكون أشد تحصيلًا لراحة المتكلم, وإنما ابتدأوا بالمتحرك, لأن المبتدأ بالحرف لا يأتي قبله بما يعتمد عليه ويبينه, فلو رام إسكانه لأخفاه عن السميع, والابتداء بالساكن متعذر, وقيل: إنه ممكن في اللغة الفارسية, واللغة الشائعة إسكان المرفوع والمجرور / في الوقف, لأنهم لو أبدلوا من تنوين المرفوع واواً لثقل عليهم, ولو أبدلوا من تنوين المجرور ياء لالتبس بالمضاف إلى ياء المتكلم, وإنما أبدلوا من تنوين المنصوب ألفًا, لأن الألف أخف من الواو والياء. وإنما كان غير المنون ساكنًا في الأحوال الثلاث, لأنه ليس ثم تنوين فيبدل منه. ومثل: بعمر والرجل, لأن عمر غير منصرف, والرجل لا يدخله التنوين من أجل لام التعريف.
وقوله: (كان الوقف عليه ساكنًا) ساكن فيه حال من الهاء, ولا يكون خبر كان, لأن الوقف ليس بتساكن, إنما الساكن الموقوف عليه.