أتى به من أجله ثم ينتقل إلى القول في الكلمة الثانية فيبحث في أصلها أو وزنها ثم يعود إلى الكلمة الأصلية فيذكر لها وزنًا آخر أو يبحث في اشتقاقها على تقدير كل معنى يحتمله اللفظ.
ولا يظهر للمتأمل أن في كلامه هذا اقتضابًا ولا تفككًا ولا يشعر باضطراب في تشبيه ولا قلق في أسلوب.
١١ - الاختراع. وقلما يجد الإنسان أثرًا لأبي العلاء إلا وفيه شيء من ابتكاره فإنه في هذه الرسالة قسم بيت الشعر إلى قادر وفاتح وواسط وخاتم وكل بيت أما أن يكمل معناه فيه أو يكمل في الذي بعده أو الذي قبله أو فيهما جميعًا وهذا التقسيم لم أره لغير أبي العلاء.
وصفوة القول أن الإنسان مهما إسهب في وصف هذه الرسالة ووصف مؤلفها لا يستطيع أن يوفي كلًا منهما حقه ولا يستطيع إنسان أن يعلم كنه كل منهما حتى يعترض هذه الرسالة جملة فجملة فيتضح له حينئذ ما هي هذه الرسالة ومن هو أبو العلاء ويعلم أنه صادق حيث يقول:
واني وإن كنت الأخير زمانه ... لآت بما لم تستطعه الأوائل
ظفر المجتمع العلمي في دمشق بهذه الرسالة فأكبرها وبادر إلى طبعها ورغب إلي أن أتولى تحقيقها وضبطها وشرح الغامض منها ليسهل الانتفاع بها لكل من أراد فنزلت عند رغبته واستفرغت المجهود في تصحيحها وتنقيحها وإيضاح المغلق منها وربما لجأت إلى إيراد البحث كاملًا أو إلى تحرير المسألة بفروعها وفروقها ليتأتى فهم ما في الرسالة من ذلك. وقد صادفت عناء في تحقيق بعض الكلمات لأن